أشاد عدد كبير من العلماء والباحثين والمفكرين المصريين بالمسيرة الحضارية والتاريخية للمملكة في عيدها الوطني،لافتين إلى ما قدمته لحفظ التوازن فى المنطقة العربية ودعم القضايا العربية على المستويات كافة منذ عهد المؤسس المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. ويشمل أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الزقازيق الدكتور عبد الحكيم الطحاوي مسيرة المملكة منذ التأسيس وحتى الآن لتعكس رؤية واضحة في الأسس التي قامت عليها من أجل الحفاظ على وحدتها المجتمعية والجغرافية والسياسية في إطار محيطها العربي والإسلامي والدولي، مستعرضا مسيرة التوحيد منذ استرجاع الملك المؤسس مدينة الرياض في 5 شوال عام 1319 وصولا إلى 23 جمادى الآخرة 1344 (8 يناير 1926)؛ ليكمل بذلك رحلة توحيد شبه الجزيرة العربية ويضع الأسس لحكم الحجاز ونجد وملحقاتهما، وهو الذي رأى توحيد هذا الكيان فيما عرف بإعلان توحيد البلاد من خلال المرسوم رقم 2716 الذي نحن بصدد الاحتفال به عندما اختار اليوم الأول من الميزان عام 1932 الموافق 21 من جمادى الأولى عام 1351. منذ التأسيس ويضيف "تلك هي رحلة إعلان قيام المملكة العربية السعودية التي يتضح من خلالها أن هذه الدولة ولدت دولة مستقلة ذات سيادة على مساحة 2.42 مليون كيلو متر مربع أي ما يعادل 6 مرات مساحة كل الجزر البريطانية، في دولة تعد أيضا الأولى التي تشهد كل توحيد هذه الكيانات السياسية منذ عهد الدولة العباسية. ولعل صمود المملكة في وجه العواصف طوال هذه المسيرة الحافلة مرده إلى المبادئ والأسس التي وضعها الملك عبد العزيز وطريقته في حكم هذه البلاد؛ حيث نشر الأمن والأمان ووفر لأهلها ما لم يكن موجوداً في العهود السابقة." وأشار الطحاوي إلى أن الملك عبد العزيز أرسى أسس علاقاته الخارجية من خلال عدة اتجاهات هي الاتجاه العربي والإسلامي والدولي، واهتم بتنظيم شؤونه الخارجية منذ البدايات المبكرة لرحلة توحيده للدولة، مضيفا أنه في الاتجاه العربي عقد عدة معاهدات صداقة وتحالف مع بعض الدول العربية عندما وقعها مع اليمن والعراق وشرق الأردن، وتوجها باتفاقية الاعتراف المتبادل مع مصر في مايو من عام 1936؛ حتى أن الصحف البريطانية في تلك الفترة تناولت هذه المعاهدات التي عقدها الملك عبد العزيز بالتعليق الذي نشرته صحيفة الجارديان في ذلك الوقت، وقالت فيه إن الأحلام التي تولدت في فكر العرب بعد الحرب الكبرى دخلت الآن طور السياسة العملية، "ولا يمكن أن نغفل في تلك الفترة موقف الملك عبد العزيز من دعم قضايا العروبة والدول العربية الواقعة تحت الاستعمار وخاصة فلسطين، عندما قدم كافة أنواع الدعم للثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936، وأرسل وزير خارجيته الأمير فيصل إلى حضور مؤتمر لندن يطالب من خلاله باستقلال فلسطين، وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر من ذلك العام وقف الملك عبد العزيز على الحياد ليؤمن بلاده من شرور الحرب ويقدم الدعم للشعوب العربية الواقعة تحت الاستعمار مثل سورية ولبنان، وبعد حصولهما على الاستقلال كان يشارك في المفاوضات المبدئية التي دعمتها زيارته إلى مصر لإعلان قيام جامعة الدول العربية، حيث كانت المملكة ومصر من الدول المؤسسة مع العراق وسورية ولبنان والأردن واليمن. دعم القضايا العربية كما تبنى الملك عبد العزيز القضايا العربية حيث دعم القضية الفلسطينية، ووضع أسس المواقف من فلسطين، وبجانب مصر في مطالبتها بجلاء القوات الأجنبية، وبجانب إخوانه في إمارات الخليج العربي وفي المغرب العربي. وعندما توفي الملك عبد العزيز سار أبناؤه على نفس السياسة حيث واصلت المملكة تقديم الدعم خاصة عندما تلاقت السياسة المصرية عقب قيام ثورة يوليو، مع السياسة السعودية لتصفية الوجود الاستعماري في العالم العربي، وقدموا الدعم لثورة الجزائر التي انطلقت عام 1954 ووقفت المملكة بجانب مصر أثناء العدوان الثلاثي عام 1956. التضامن الإسلامي وفي اتجاه آخر عندما تولى الملك فيصل بدأ ينتهج سياسة التضامن الإسلامي حتى نجح في عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في التاريخ في سبتمبر 1969، وكان للمملكة بقيادته دور بارز في حرب أكتوبر عام 1973 عندما اتفق مع الرئيس أنور السادات على معركة البترول حتى استطاع العرب إحراز أكبر نصر لهم في التاريخ الحديث والمعاصر، وظهروا كقوة في العالم. ودعمت المملكة علاقاتها الخارجية مع الدول الأفريقية أيضاً عندما قام الملك فيصل بزيارة هذه الدول من أجل قطع علاقاتها مع إسرائيل، وتواصلت سياسة المملكة الداعمة للبلدان العربية في عهد الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله، وما موقف الملك عبدالله ببعيد عندما وقف وقدم الدعم للشعب الفلسطيني في كفاحه ودعوته الأخيرة لعقد مؤتمر مكة للدول الإسلامية للحفاظ على كيان هذه الدول، في ظل محاولات الدول الأجنبية النيل من الإسلام والدول الإسلامية باختلاق الكثير من الفتن في هذه البلاد لزرع الفرقة بينهم، بينما دعا الملك عبدالله لنبذ الفرقة لدعم الوحدة الإسلامية والوحدة العربية لإبراز كيان الأمة العربية والعالم الإسلامي على الساحة الدولية. من جانبه يرى أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج الدكتور صابر حارص أن المملكة منذ نشأتها على يد المؤسس المغفور له الملك عبد العزيز، كانت داعمة لأمتها مهمومة بقضاياها حريصة على مد جسور التعاون والأخوة مع محيطها العربي والإسلامي، مشيراً إلى العلاقات المبكرة بين المملكة ومصر كنموذج لهذه العلاقات حيث مثلت مصر والمملكة محوراً أساساً للعالم العربي، مشيراً إلى الزيارة التي قام بها الملك عبد العزيز إلى مصر، عام 1946 فاستقبله الشعب المصري بالمحبة والإخاء والوفاء، وهي مشاعر عبر عنها الملك فاروق وهو يشكر الشعب المصري على نبيل استقباله للملك عبد العزيز. قال الملك فاروق "ليس أطيب عندي من أن أكرر شكري لكم، فقد أكرمتم في شخص الملك عبد العزيز شخصي، أكرمتم مصر والعروبة والإسلام". ويضيف حارص أن زيارة الملك عبد العزيز لمصر، وحرصه على الروابط معها قد أسست في هذه العلاقة المتينة والمتواصلة حتى اليوم. نموذج يحتذى ويلفت الباحث الكاتب الصحفي الدكتور محمد حسين إلى تفرد النموذج السعودي في الوحدة والاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع محيطها العربي، مشيرا إلى أن "العلاقة بين السعودية ومصر هي علاقات وطيدة تغوص في الزمان لآلاف السنين، وشهدت عصر ازدهارها منذ عهد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود وأبنائه البررة: الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد –رحمهم الله- وصولا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله". ويقول حسين إن المملكة تعد نموذجاً يحتذى في استقرارها وثباتها على المبادئ التي أرساها المؤسس سواء في إدارة شؤونها الداخلية أو في علاقاتها الطيبة التي احتفظت بها مع جميع دول العالم وبخاصة مع الدول العربية والإسلامية. أما رئيس الجمعية المصرية للتواصل الحضاري الدكتور محمد أبو ليلة فيشير إلى جهود المملكة منذ نشأتها في رعاية الحرمين الشريفين وتقديم كافة سبل الراحة لضيوف الرحمن، ويقول "اختص الله حكومة المملكة برعاية الأماكن المقدسة، وقد شهدت الأماكن المقدسة تطورا هائلا منذ عهد المؤسس ومروراً بأبنائه الذين أولوا عظيم الاهتمام بالحرمين الشريفين، وسيظل التاريخ شاهداً على تلك التوسعات والعمارة الرائعة والخدمات الجليلة لضيوف الرحمن، وكل يوم نرى جديداً في توسعات الحرمين وعمارتهما وتوفير الخدمات بهما وفي المشاعر المقدسة في منى ومزدلفة وعرفات"، مشيراً إلى التوسعة التي تجرى حالياً في الحرم المكي الشريف والتي تضاعف طاقة الحرم وتعد الأكبر في التاريخ، والتي تصل تكلفتها إلى نحو 80 مليار ريال.
أقوال * الطحاوي: مبادئ المؤسس وطريقته في الحكم وراء صمود المملكة في وجه العواصف * حارص: المملكة منذ نشأتها كانت داعمة لأمتها مهمومة بقضاياها. * حسين: نموذج يحتذى في الاستقرار والثبات على المبادئ التي أرساها المؤسس.