اليوم الوطني مناسبة عزيزة تتكرر كل عام نتابع فيه مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن ويعيشها في كافة المجالات، وهذه النهضة الفريدة من نوعها التي وثبت بالمملكة في نقلة حضارية وفي زمن قياسي وضعتها في مصاف الدول المتقدمة، فاليوم الوطني لبلادنا الطاهرة تاريخ بأكمله؛ إذ يجسد مسيرة جهادية طويلة خاضها البطل الموحد المغفور له الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ومعه أبطال مجاهدون هم الآباء والأجداد-رحمهم الله جميعاً- في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده..تحت راية واحدة "راية التوحيد". ومثلما كان اليوم الوطني تتويجاً لمسيرة الجهاد من أجل الوحدة والتوحيد فقد كان انطلاقة لمسيرة جهاد آخر..جهاد النمو والبناء للدولة الحديثة. إن هذه المناسبة ضرورة من ضرورات استذكار فكر اليوم الوطني لمملكتنا الغالية، والذي يصل بنا إلى عهدنا الزاهر اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، وهي القيادة التي تتمتع بخصوصية لم تتسن لغيرها، من حيث إنها الأقدر استثماراً لفرص الواقع على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لما يخدم الشعب السعودي أولاً، ثم الشعب العربي ثانياً، ثم الشعب العالمي ثالثاً - إن صح التعبير - فمواقف القيادة السعودية اليوم مواقف تستند إلى فكر الإنسانية وبعمق تقديرات العدل والحق والمساواة والمكاشفة والإصلاح، فسجلت هذه القيادة في زمن قياسي إنجازات رائدة ذات مدلولات طويلة الأمد، حيث اختصرت مسافات الزمن نحو التحقيق الفعلي لإنجازات ومبادرات تحققت اليوم في هذا العهد الزاهر وفي شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة. فالزمن في حياة الشعوب لا يقاس بالسنين والأيام، وإنما بحجم الإنجازات والعطاءات وتأثير ذلك في مسيرة الأمم، فما تم إنجازه - ولله الحمد - يعادل الكثير من السنوات في حياة العديد من المجتمعات وفي تاريخ الكثير من الدول..إنجازات تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته، وهنا أود التنويه باهتمام القيادة الرشيدة بقطاع الخدمات الصحية الذي شهد نهضة كبرى أدخلت الفرح في نفوس كل فئات المجتمع حتى أضحت الرعاية الصحية معلماً بارزاً ونموذجاً يحتذى به على المستوى الخليجي والإقليمي وموضع إشادة وتقدير على المستوى الدولي. كما ولا يفوتني في هذا المقام أن أشيد بالدعم الذي يحظى به مجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون ومكتبه التنفيذي، حيث تمثل هذا الدعم في أن احتضنت المملكة مقر المكتب التنفيذي ومنذ أن تم تأسيسه عام (1396ه -1976م) وتبرعت بقطعة من الأرض لإنشاء مقر دائم لهذا المجلس في حي السفارات بمدينة الرياض، حيث ساعد ذلك على قيام المكتب بمهامه ونشاطاته وتنفيذ برامجه وتحقيق رؤيته ورسالته وأهدافه. وبهذه المناسبة الغالية فإنني آمل أن تبرز تجربة المملكة العربية السعودية للمجتمع الدولي كإحدى النماذج الناجحة في تاريخ الأمم، وإبراز ذلك النهج الذي تستند المملكة في سياستها الداخلية القائمة على مبادئ الإسلام الحنيف، وكذلك في علاقاتها الدولية المستمدة من تراثنا وحضارتنا واحترام مبادئ حقوق الإنسان في أسمى معانيها، كما أنها فرصة ثمينة بأن نغرس في نفوس النشئ معاني الوفاء لأولئك الأبطال من الآباء والأجداد الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة، فيشعروا بالفخر والعزة، ونغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد منذ أن أسس وأرسى قواعدها الملك عبد العزيز -رحمه الله- . *المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون