من دون التعامل مع البيئات الطبيعية، تتوقف أدمغتنا عن العمل بشكل جيد. وكما أثبت المجال الجديد لعلم الأعصاب البيئي، فإن التعرض للطبيعة ليس ترفا بل هو ضرورة. جاء ذلك من خلال دراسة نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية. حيث وجدت إحدى الدراسات أن المشي 4 أيام (دون الوصول إلى الهواتف أو غيرها من التقنيات) زاد من إبداع المشاركين بنسبة 50%. لمسات منعشة يقول جيمس جيلبرت، عالم البيئة من نورثهامبتونشاير «فقط عندما أكون في الخارج ومنتبهًا للأشياء البرية من حولي، يظل ذهني ثابتًا.. هذه اللمسات البرية تنعش ذهني وتوسع منظوري وترفع معنوياتي». والجديد هو مجال علم الأعصاب البيئي الناشئ، الذي يسعى إلى استكشاف لماذا وكيف تتأثر أدمغتنا بشكل عميق بوجودنا في الطبيعة. تظهر الدراسات أن البيئات الخضراء (النباتية) والزرقاء (المياه المتحركة) ترتبط بانخفاض التوتر وتحسين الحالة المزاجية وزيادة المشاعر الإيجابية وتقليل القلق والاجترار، ولكن هناك أدلة متزايدة على أن التعرض للطبيعة يفيد أيضًا الوظيفة الإدراكية وهي جميع العمليات التي تنطوي عليها اكتساب المعرفة والفهم، بما في ذلك الإدراك والذاكرة والتفكير والحكم والخيال وحل المشكلات، حيث وجدت إحدى الدراسات أنه بعد 40 ثانية فقط من النظر إلى سقف أخضر، ارتكب الأشخاص أخطاء أقل في الاختبار مقارنة عندما نظروا إلى سقف خرساني. تعزيز الإبداع قام الدكتور مارك بيرمان، مدير مختبر علم الأعصاب البيئي في جامعة شيكاغو، بفحص أدمغة الأشخاص من خلال اختبار يعرف باسم مهمة الرقم العكسي، حيث تطلب منهم تكرار تسلسلات الأرقام بترتيب عكسي. ثم أرسلهم في نزهة لمدة 50 دقيقة، إما في منطقة حضرية (وسط المدينة) أو في بيئة طبيعية (حديقة). وعند عودتهم كرروا المهمة. يقول «تحسن الأداء بنحو 20% عندما سار المشاركون في الطبيعة، وليس عندما ساروا في بيئة حضرية». إن تعزيز الدماغ الناتج عن الوجود في الطبيعة يتجاوز مجرد الحصول على الإجابات الصحيحة في الاختبار، وفقًا للبروفيسور كاثرين ويليامز، عالمة النفس البيئي في جامعة ملبورن. تقول «لقد أثبتت الأبحاث باستمرار تعزيز الإبداع بعد الانغماس في البيئات الطبيعية». الهدوء والرفاهية يقول ستراير «معظم التوتر الذي نواجهه اليوم لا يتطلب استجابة جسدية، ولكنه لا يزال يثير نفس رد الفعل الفسيولوجي، ارتفاع مستويات الكورتيزول، وزيادة معدل ضربات القلب واليقظة، التي يمكن أن تؤثر على وظائف المناعة والقلب والأوعية الدموية، وكذلك الذاكرة والمزاج والانتباه». ويضيف أن «التعرض للطبيعة ينشط الجهاز العصبي السمبتاوي، فرع الجهاز العصبي المرتبط بحالة الراحة، وهذا يغرس مشاعر الهدوء والرفاهية التي تمكننا من التفكير بشكل أكثر وضوحًا وإيجابية، تمامًا كما حدث لي أثناء جولتي على ضفاف الميناء».