"لقد كان سلفكم حمد المانع يتمنى أن تصل ميزانية الصحة ل24 مليارا.. وها أنتم اليوم تحظون ب60 مليارا، ولكننا لا نزال نسمع جعجعة ولا نرى طحينا"، بهذه العبارة القاسية واجه عضو مجلس الشورى طلال بكري، وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، في جلسة اتسمت بسخونة الطرح رغم ضيق الوقت الذي حاول الوزير كسبه لمصلحته باستغلاله 25 دقيقة من وقت المجلس لتلاوة بيان أعده سلفا. وحظي مشروعا الحزام الصحي والتأمين الطبي، اللذان طالما نادى بجاهزيتهما الوزير السابق الدكتور حمد المانع، بحضور في الأسئلة التي حاصر بها الأعضاء الربيعة متسائلين عن أسباب إلغاء العمل بهما، وهو ما حدا به للقول "إن الخطة الاستراتيجية للوزارة تأتي امتدادا لخطط الوزراء السابقين ولا يوجد إلغاء لمشاريع معتمدة". ورغم طول كلمة الربيعة، إلا أن ذلك لم يشفع له من تلقي نحو 21 سؤالا شفهيا، غير تلك التي كتبت وطارد بها الأعضاء الوزير الضيف خلال مغادرته القاعة، ومنهم العضو عبدالجليل السيف الذي كتب للوزير متسائلا "أين الحقيقة في أعداد وفيات الحوادث، هل هي التي لديكم أم لدى المرور؟". "الوطن" بدورها، واجهت وزير الصحة بسؤال حول "سرية" الجلسة، فقال "أعتقد أن هذا ما يقوم به مجلس الشورى في الجلسات السابقة، نحن ضيوف لديه". استغرق وزير الصحة عبدالله الربيعة تحت قبة مجلس الشورى أمس نحو 25 دقيقة، وهو يتلو كلمته التي كانت أشبه ببيان دوّن في 19 صفحة، متجاوزا ما تسمح به قواعد عمل المجلس واللجان المتخصصة وهو 15 دقيقة، غير أن الوقت الذي استغرقته الكلمة لم يعفه من 21 سؤالا من 17 عضوا حول بعض الفجوات والأخطاء في وزارته، إضافة إلى 4 أسئلة من لجنة الشؤون الصحية والبيئة. ونصت المادة ال36 على "إذا أعد المسؤول قبل حضوره بياناً؛ تقوم الأمانة بتوزيعه على أعضاء المجلس في بداية الجلسة أو قبل ذلك إن أمكن، ويُعطى المسؤول فرصة لإلقاء ملخص مختصر عنه، في مدة لا تزيد على عشر دقائق، وإذا كان هناك عرض مرئي، أو إحصائي؛ يمكن أن تزاد المدة بقدر الحاجة". وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المجلس، وقفت أول امرأة في المنصة الرئيسة للمجلس أمس لشرح بعض ما يختص بأمور تخصصها، تلتها زميلة لها وهما الوكيلة المساعدة للخدمات الطبية المساعدة الدكتورة منيرة العصيمي، ومديرة الإدارات العامة للتدريب والابتعاث الدكتورة عفاف الشمري اللتان كانتا ترافقان الوزير خلال حضوره الجلسة. وعقب جلسة أغلقت أمام وسائل الإعلام، قال وزير الصحة في معرض رده على سؤال ل"الوطن" حول سبب طلبه إغلاق الجلسة وحجبها أمام وسائل الإعلام: أعتقد أن هذا ما يقوم به المجلس في الجلسات السابقة، ونحن ضيوف عليه. التأمين الطبي وحول مشروع التأمين الطبي على المواطنين، أكد الربيعة أن المشروع لا يزال يدرس من قبل مجلس الخدمات الصحية والضمان الصحي والوزارة، بحسب ما أوصى به مجلس الوزراء، وأن التوصيات سترفع بعد الاستنارة برأي مجلس الشورى والجامعات للجهات المعنية بالدولة للأخذ بما تراه مناسباً. وبخصوص العوائق التي تقف دون تطبيق نظام التأمين الصحي على المواطنين، قال الربيعة إن أي نظام يجب أن يدرس من كافة النواحي، وهذا ما تقوم به الوزارة بمشاركة المجالس المعنية والجهة ذات العلاقة، لأن الهدف ليس المال بل ما يخدم صالح الوطن والمواطن. وعن جهود الوزارة في معالجة أزمة الأسرة، أكد الوزير أن وزارته وضعت عدداً من الحلول العاجلة كالتشغيل الكامل للأسرة المتوافرة وبالأخص العناية المركزة والتوسع الكبير في شراء الخدمة من القطاع الخاص في الحالات المرضية الحرجة والطارئة في حالة عدم توفر أسرة في المستشفيات التابعة للوزارة حيث يتم تحويل المرضى لمستشفيات القطاع الخاص. الأخطاء الطبية وفي موضوع تقليل الأخطاء الطبية، أكد أن الوزارة انتهجت العديد من الخطوات للتقليل منها حيث ألزمت جميع المنشآت الصحية بعملية الاعتماد وتسجيل الكوادر الصحية بالتسجيل المهني لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية والاستمرار في التعليم الطبي المستمر لجميع الكوادر الصحية واعتباره شرطاً لإعادة التسجيل، وتطبيق برنامج لرصد وقياس الأحداث الجسيمة بالمستشفيات وتطبيق برنامج المراجعة الإكلينيكية ، مبيناً أن تلك الهيئات مستقلة وأن العقوبات تصل إلى سحب الرخصة والإدانات المالية والإدانات التدريبية. وبين أن مجموع القضايا التي تم عرضها على الهيئات الصحية الشرعية بالمملكة عام 1432 بشأن الأخطاء الطبية بلغت نحو 1547 قضية تمت إدانة الممارسين الصحيين في 506 قضايا منها بنسبة بلغت 32.7%.أما القضايا التي لم تتم الإدانة فيها بخطأ طبي فبلغت 1041 قضية بنسبة بلغت 67.3%. 100 سؤال واستفسار وفي معرض رد الوزير على تساؤلات أعضاء المجلس واستفساراتهم بشأن أداء الوزارة وجهودها، أوضح رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة الدكتور محسن الحازمي أن اللجنة تلقت منذ الإعلان عن استضافة الوزير أكثر من 100 استفسار وتساؤل من المواطنين عبر الموقع الإلكتروني للمجلس والفاكس، والتي لخصتها اللجنة في أربعة محاور رئيسة هي: عدم توظيف خريجي المعاهد الصحية، وتردي الخدمات الصحية، وملف التأمين الطبي، وتشغيل المدن الطبية الجديدة. ورد الدكتور الربيعة على المحاور بالقول إن قضية تعيين خريجي المعاهد الصحية تشكل هاجساً كبيراً لوزارته وتحظى باهتمام واسع، مشيراً إلى أن هناك لجنة مشكلة من قبل الوزارة لتوظيف خريجي المعاهد الصحية متى توفرت الوظائف الشاغرة، أما عن مشروع الخدمات الصحية الأولية والتي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين، فأوضح أن هناك تقدما كبيرا في العمل عليه وتنسيق متواصل مع وزارة المالية لتوفير الاحتياجات اللازمة. مواعيد وأسرة وتساءل أحد الأعضاء عن سبب استمرار معاناة المواطن في إيجاد مواعيد وأسرة بالمستشفيات، وصعوبة التحويل للعلاج بالخارج وبالمستشفيات المتخصصة، ووجود قصور في بعض الخدمات الطبية المقدمة للمعاقين والعلاج النفسي ومدمني المخدرات، ورد الدكتور الربيعة بأن وزارته تعترف بوجود مشكلة في المواعيد، وهي تتركز في بعض التخصصات الطبية الدقيقة، مشيراً إلى أنها تعمل على حل المشكلة.كما اعترف بوجود نقص في الأسرة بالمستشفيات في كافة المناطق. وبالنسبة لموضوع العلاج بالخارج، أشار الوزير إلى أن هناك لجنة طبية متخصصة وهي الهيئة الطبية العليا، وهي من تقرر حاجة المريض للعلاج بالخارج وهي تتركز بدراسة حالتين الأولى هي عدم وجود علاج للمريض بالمملكة، والثانية عن وجود علاج شافٍ بالخارج. أما عن نقص خدمات التأهيل النفسي، فأوضح الربيعة أن الوزارة تستأجر بعض الخدمات الصحية من المراكز الطبية المتخصصة لحل هذه المعضلة وهناك عمل لحل الإشكالية. مداخلات الأعضاء وفي مداخلات الأعضاء، ذكر الدكتور طلال بكري أن وزير الصحة السابق بشر المواطنين قبل 7 سنوات تحت قبة الشورى بأشياء منها الحزام الصحي،وكانت ميزانية الوزارة في ذلك الوقت 19 مليار ريال، وكان يطالب بأن تصل إلى 24 مليار ريال، إلا أنه بعد تعيين الربيعة أعلن أنه لا وجود للحزام الصحي في الوزارة رغم أن ميزانية الوزارة ارتفعت إلى 60 مليارا. وقال: ومع هذا فلا نزال نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، وقابل الأعضاء مداخلة بكري بتصفيق حار، في حين أكد وزير الصحة أن خطته الاستراتيجية هي امتداد لخطط الوزراء السابقين ولا يوجد إلغاء لمشاريع معتمدة. وطالب أحد الأعضاء بإنشاء هيئة وطنية صحية منفصلة عن الوزارة، وأكد الوزير أن الوزارة تعمل بالفعل على إنشاء هيئة وطنية لاعتماد المنشآت الصحية وهو تحت الدراسة. وعن موضوع الشهادات المزورة أشار الوزير إلى أن الموضوع من اختصاص هيئة التخصصات الصحية وهي تقوم بدور بنّاء في معالجة هذا الأمر. وحول موضوع التأمين الطبي للمواطنين: أكد الوزير أن تطبيق هذا الأمر ليس بالسهل ولا يقاس بتجربة التطبيق على التأمين الطبي بالنسبة للمقيمين، موضحاً أن التأمين الطبي يعتبر مصدر تمويل ولا يشكل نوعاً من أنواع تطور الخدمات الطبية، ويحتاج الأمر إلى دراسة واسعة تقوم بها الوزارة حالياً. وفي شأن مقترح لإيجاد مستشفى للصحة النفسية في مكةالمكرمة ورغبة عدد من الأهالي الإسهام في إنشاء المشروع، وطلبهم من الوزارة العمل على توفير الأرض المناسبة له، قال الربيعة إن الوزارة تثمن الشراكة مع القطاع الخاص والجهات الخيرية والأفراد، موضحا أن المستشفيات النفسية لها معايير محددة لدى الوزارة، مبيناً أن الوزارة تعمل على ترسية مشروع للصحة النفسية في مكةالمكرمة في ميزانية العام المقبل. وعن أسباب تعثر بعض المشاريع الصحية، قال إن الوزارة تقوم بتعديل بعض المواصفات الفنية والهندسية لبعض المشاريع لتتناسب مع متطلبات النظم الصحية الحديثة وقد يكون القصور من المقاول أو قصور وتأخر من الوزارة لا ننفي ذلك، أو وجود فروقات مالية أو عدم وجود أراضٍ صالحة، خصوصاً للمراكز الصحية. أقسام الطواريء وأثار حمد القاضي موضوع أقسام الطوارئ بالمستشفيات واصفا إياها بخط الدفاع الأول، مبينا أن أي تأخير يضاعف المرض أو يؤدي إلى الوفاة، داعياً إلى تطوير الطوارئ، واتفق معه الوزير، وقال إن وزارته تنشئ حاليا مبانيَ كبيرة بالمستشفيات للطوارئ وابتعثت ودربت المختصين بالطوارئ، إضافة إلى توفير الأجهزة الكافية وتطوير وزيادة العناية المركزة.
.. وأعضاء يلاحقون "الوزير" بأسئلتهم بعد الجلسة الرياض: رياض المسلم دفع عامل الوقت وعدم تمكن العديد من أعضاء مجلس الشورى من طرح مداخلاتهم على وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة الذي حضر أمس تحت "قبة الشورى" للحديث عن أداء وزارته، إلى ملاحقة بعضهم للوزير خارج الجلسة، وتسليم تساؤلاتهم له يدوياً، ومن أبرزها تباين الأرقام المعلنة في وسائل الإعلام عن الوفيات المرورية على مستوى المملكة بين وزارة الصحة والإدارة العامة للمرور. المداخلة التي حملها العضو الدكتور عبد الجليل السيف - حصلت "الوطن" على نسخة منها - أكدت وجود خلاف وتباين في الأرقام المعلنة للوفيات المرورية على مستوى المملكة بين وزارة الصحة والإدارة العامة للمرور. وقال السيف إن هذا يثير تساؤلات عن مدى صحة وفاعلية تطبيق هذا التعريف، إضافة إلى ما يسببه من حرج للأجهزة المعنية، والباحثين والدارسين في الشأن المروري بالداخل والخارج. وأضاف الدكتور السيف الذي سلم مداخلته وتساؤلاته يدوياً للوزير، أن المادة 59/4 من نظام المرور الصادر بتاريخ 3 /7 /1429، عرفت في لائحته الوفاة المرورية على أنها "تقيد إحصاء الحادثة حالة وفاة إذا أدت إلى وفاة المصاب خلال شهر من تاريخ وقوع الحادث، وما زاد عن الشهر يسجل ضمن إحصائية المصابين"، مشيراً إلى أن تعريف الوفاة المرورية دُرس من قبل مجلس الشورى بناءً على مقترح من وزارة الصحة وبمشاركة الإدارة العامة للمرور، وذلك لأهميته لما يمكن أن يترتب عليه من خلافات قضائية ونظامية. وتابع السيف "التعريف الواضح والمنسجم مع الأنظمة المرورية العربية والدولية عالج التباين والخلاف خلال فترة التنفيذ، إلا أن هذا الخلاف عاد مرة أخرى من خلال التقارير الإحصائية التي تصدر عن الإدارة العامة للمرور، وكذلك الأوراق التي تقدم إلى الندوات والمؤتمرات من قبل المعنيين بوزارة الصحة، وعلى سبيل المثال ورد في التقرير الإحصائي الصادر عن الإدارة العامة للمرور لعام 1432، أن مجموع الوفيات المرورية على مستوى المملكة بلغ 7153 حالة وفاة، فيما أشارت أوراق عمل قدمت لمؤتمرات وندوات من بعض الباحثين والمعنيين بوزارة الصحة إلى أن مجموع الوفيات لعام 1432 تجاوز 13 ألف حالة وفاة مرورية على مستوى المملكة.