تقترب الولاياتالمتحدة بسرعة من مفترق طرق حاسم في سياستها تجاه سورية. وعلى الرغم من تزايد قدرات المتمردين السوريين مؤخراً، فإن إلحاق الهزيمة بقوات الرئيس بشار الأسد سيكون أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، دون زيادة المساعدات العسكرية الخارجية. لكن سياسة أميركا الحالية تركِّز على تزويد المسلحين بمساعدات لا تتضمن أجهزة تستخدم في أعمال القتل. نتيجة لذلك، فإن استمرار الحرب الدموية لفترة طويلة أمر أكثر احتمالاً. ويقول تقرير نشرته "مؤسسة راند الأميركية للأبحاث" مؤخراً إن المقاربة الأميركية الحالية للصراع ستقلل من قدرات قوى المعارضة على التفوق من الناحية العسكرية. وكلما طال أمد الصراع، ازداد دموية وعنفاً، وتزداد صعوبة إقامة حكومة ديموقراطية مستقرة بعد انتهاء الصراع. ويضيف تقرير راند أن عدم قيام أميركا بدعم المعارضة السورية بشكل أكبر يثير سخط قادة المعارضة، الأمر الذي قد يؤثِّر على الدور الأميركي في سورية في مرحلة ما بعد الأسد. وقد حذر أحد نشطاء المعارضة بالفعل من أن "أميركا سوف تدفع ثمن هذا، وستخسر صداقة السوريين، ولن يثق بها أحد بعد ذلك". علاوة على ذلك، فإن الصراع في سورية له آثار جيوسياسية مهمة تتجاوز سورية. فالقضية لا تتعلق بتطورات الوضع في سورية فقط، ولكن في طبيعة واستقرار النظام السياسي المقبل في الشرق الأوسط. خطورة أن الصراع سيكون له تأثير في زعزعة استقرار دول الجوار –خاصة لبنان وتركيا- تتزايد يوماً بعد يوم. انسحاب القوات السورية النظامية من مناطق الأكراد في شمال شرق سورية، على طول الحدود مع تركيا، أوجد فراغاً سياسياً يتم تعويضه بحزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)، وهو حزب كردي متحالف مع نظام الأسد، وبحزب العمال الكردستاني (PKK) ، وهو حزب انفصالي يقوم بعمليات ضد الجيش التركي منذ عام 1984. هذا الأمر يولد مخاوف لدى القادة الأتراك من احتمال إقامة دولة كردية على حدودها الجنوبية، مما يوفر ملاذا آمنا لمقاتلي حزب ال (PKK) ويضاعف الضغوط الانفصالية بين الملايين من أكراد تركيا. الإطاحة بنظام الأسد، بحسب ما يقول تقرير راند، سيشكل هزيمة إستراتيجية حاسمة لإيران بحيث يضعف موقفها الدولي ويوجه ضربة قاصمة لما يسمى ب"محور المقاومة": إيران، حزب الله، سورية. وبالعكس من ذلك، فإن انتصار الأسد – أو حتى الحرب الأهلية الطويلة- ستعتبر هزيمة للولايات المتحدة، مما يكون له نتائج إقليمية خطيرة، بما في ذلك زيادة التعنت الإيراني. في هذا المحيط، تحتاج الولاياتالمتحدة إلى سياسة نشطة وحازمة نحو سورية تهدف إلى إنهاء الصراع بطريقة تعزز الاستقرار الإقليمي وتسهل حدوث انتقال سلمي إلى الديموقراطية. ويقترح تقرير مؤسسة راند أن السياسة يجب أن تتضمن ثلاثة عناصر مهمة. • على الولاياتالمتحدة أن تزيد التعاون الاستخباراتي مع قوات المعارضة وأن تزودهم بوسائل الاتصال الحديثة، وبذلك تمكنهم من التنسيق فيما بينهم وتنفيذ هجمات أكثر فاعلية. • على الولاياتالمتحدة أن تزود المعارضة بالأسلحة والذخيرة والمساعدات اللوجستية ... الأسلحة الإضافية، بما في ذلك الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، والهاون، والقناصات، سوف تمكن قوى المعارضة من الهجوم عن بُعد ومن تحدي التفوق الجوي لقوات النظام السوري. • على أميركا وحلفائها مساعدة وتدريب قوات المعارضة على استخدام هذه الأسلحة. التدريب الذي قدمته فرنسا وبريطانيا وقطر ودول أخرى لعب دوراً مهماً في تحويل موازين القوى لمصلحة قوات المعارضة، ويمكن أن يكون لها أثر مماثل في سورية.