في روايته (قصة التنين القاتل) كتب الفيلسوف السويدي (نيك بوستروم) عن رؤيته في أن «تحقيق النجاح لا بد أن يمر بمراحل عدة أولها إزالة العوائق والتشوهات ومن ثم تكييف المجتمع للعمل من أجل مستقبل أفضل». قصة التنين القاتل تدور حول قرية بسيطة تعيش في رعب دائم بسبب التنين الذي يعيش بالقرب منهم، وبعد كر وفر يصل أفراد ذلك المجتمع والتنين إلى اتفاق وهو أن ترسل القرية يوميًا مجموعة من كبار السن ليأكلهم التنين، مقابل أن يتوقف عن غاراته ومهاجمته للقرية. لقد اختار ذلك المجتمع الحل الأسهل وأوضح كيف تتعامل المجتمعات مع مفهوم الشيخوخة وأنها إحدى المقدمات للموت ولسنا بحاجة إلى استغلال التقدم العلمي والتكنولوجي للقضاء على التنين وتحسين حياة كبار السن. لقد كان موقفا مخيفًا تعيشه تلك القرية عندما يخرجون كل يوم مجموعة من أقاربهم من كبار السن وقد علت وجوههم علامات الخوف والحزن، ويتم إرسالهم إلى ذلك الجبل ليلاقوا حتفهم وتدفن أحلامهم. القصة توضح أننا من نجعل من التحديات مسلمات نؤمن ونرضى بها، ولا نحاول حتى التفكير في التخلص منها. كان أكثر من يتألم من فقدان كبار السن، هم أولئك الأطفال فقد كان يعني لهم مصطلح الجد والجدة الشيء الكثير. بينما كان الشباب يرون أن هذه الفئة قد استمتعوا بحياتهم وأن الموت نهاية كل رحلة. وبعد مرور عشرات السنين من التضحية بكبار السن، ظهرت مجموعة من العلماء بدأت بدراسة خصائص التنين، والتركيز على نقاط ضعفه وتم تطوير العديد من الأسلحة التي تستطيع قتل التنين. وبعد صنع السلاح كانت المهمة الأخطر في إقناع مجتمع القرية باستخدام السلاح ومهاجمة التنين، والتخلص من خوف المواجهة، واستغرقت عملية الاقناع سنوات أخرى قبل مهاجمة التنين وقتله والتخلص من شروره. قبول المجتمعات بحتمية الحاضر وعدم رغبتهم في التغيير قد يترتب عليه العديد من المآسي. فعدم مواجهة الفقر والجهل والأمراض المعدية والحروب والأطماع كلها، قد تنتهي بدمار الشعوب أو تأخرها وتخلفها. ملخص قصة التنين القاتل هو أهمية التركيز على بهجة الحياة، وعدم التسليم والاستسلام مع تقدم العمر وانتظار الموت، فحتى كبار السن يمكنهم أن يستمتعوا بحياتهم من خلال استخدام العلم والتكنولوجيا لمساعدتهم في حياة أفضل. ويمكن للعلم أن يسعى إلى تحسين السلام العقلي وراحة البال، بدلًا من التذمر من مضاعفات الشيخوخة بل إن التجارب العلمية بدأت تؤتي ثمارها في تأخير الشيخوخة، وتحسين جودة الحياة مع تقدم العمر. معظم دول العالم حاليًا تسعى إلى زيادة متوسط العمر، مع التأكد من تقليص الأمراض المزمنة والتي قد تستنزف الكثير من خزائن تلك الدول. في فترة من الزمن كانت البشرية تموت في الأربعينيات بسبب تفشي الأمراض المعدية وبعد ظهور التطعيمات ارتفع معدل العمر ليتجاوز الستين عامًا. وأخيرًا إن التنين الذي يهدد أحلامنا وطموحاتنا موجود في كل مجتمع، وعلى تلك المجتمعات لتحسين مستقبلها أن تتخلص من مخاوفها وتدافع عن أحلامها.