في صورة عابرة التقطتها عدسة مصور، كانت هناك مجموعة من صغار طائر في عش، ماتت جميعها وهي في حالة انتظار وصول أمها، فتحنطت على حالة الرمق الأخير مفتوحة الفم في انتظار غذاء ذلك اليوم الذي لم يصل، كون الأم بالتأكيد غابت بعذر قاهر، فقد تكون ماتت بين يدي طفل يلهو بالطيور، أو صياد متفرغ في يوم إجازته، أو على زجاج مركبة عجوز متعجل بالقيادة ليلحق بأحفاده الصغار أو.... إلخ. مهما كان السبب كبر أو صغر إلا أنه كان كافيا لإنهاء حياة الصغار. بعيدا عن حياة الطيور وبالقرب من حياتنا، هل سأل أحدنا نفسه، كم طائرا قتل، عفوا أقصد كم طفلا قتل، عفوا أقصد كم قلبا قتل، عفوا أقصد كم فرحة قتل، عفوا أقصد كم حياة مشرقة قتل، كم.... وكم.... وكم. إننا كل يوم تقريبا سواء في العمل مع رؤسائنا أو مرؤسينا، في مناسباتنا الاجتماعية أو حتى في الشارع، بقصد منا أو دون قصد، قد نجعل طفل أحدهم ينام يوما وفم قلبه مفتوح في انتظار غذاء أمه أو أبيه الذي اعتاد أن يعود كل يوم فيملأ ذلك القلب الصغير بغذاء الحب والسعادة، غذاء العطف والحنان، إلا أن ذلك الأب أو تلك الأم قد تغيب بعذر قاهر عن ذلك الفم المنتظر، حتى إن حضرت بجسدها إلا أنها غائبة بأحاسيسها، كون أحاسيسها قد قتلت إما بين يدي ذكر بمظهر رجل وجوهره ذئب مفترس، وإما على يد صياد ماهر في قتل كل ما هو مشرق، أو يكون أب ذلك الطفل قد قتلت مشاعره بعد أن صدمتها مركبة قرارات ذلك العجوز التي أصدرها مسرعة، كون ذلك العجوز لم يأبه لكم طفل قتل في ذلك اليوم، عفوا كم طفلا تركه بلا غذاء ذلك اليوم وما لحقه من أيام. ما أريد قوله إننا كمديرين في العمل أو ملاك لأعمالنا الخاصة أو عاملين في أي خدمة تمس أي فئة من الناس بشرائحهم كافة، من العمالة في الأعمال الصغرى إلى أعلى المناصب، أننا قد نجعل بيتا خاويا على عروشه من الفرحة والسعادة والحب، قد نكون سببا في طلاق أو تشتت أسرة أو حرقة قلب أم، أو سببا في عقوق ابن لوالديه. فلنتلطف بمن حولنا ليلطف الله بنا، فلو أن أحدهم تعامل بلطف مع أم تلك الطيور الصغار (لما مات الصغار جوعا).