لا تكاد تمر لحظة إلا وكلمات الحب تطوقنا، قصائد وأغان وصمت وحكايات، مباهج وأحزان.. إلخ. الحب فطرة، الأمومة،الأبوة، الزواج، الصداقة، والأخوة، كلها علاقات مسيجة بالحب، حصر الكلمة في إطار (علاقة محدودة) ومعينة يشوه معناها ويفسد العلاقات الإنسانية، إذا ما عرفت أن الإنسان يتعافى بالحب، فعليك أن تغير مفهومك عنه!، فالحب إذا ما دخل قلب إنسان نشطه وحفظه من الأمراض، كما أوضحت دراسات وأبحاث علمية. الدماغ يشعر بالانجذاب، يبدأ في إصدار الأوامر فيُفرزُ هرمون (الدوبامين) بنسبة توسع الشرايين وتزيد من نبضات القلب، تنشط الدورة الدموية، فيشعر المحب بتسارع نبضات قلبه وسخونة تعلو وجنتيه، كمفعول للدوبامين، هرمون الصحة والمتعة، يمنحك إشراقًا وحيوية، حينما يملأ شرايينك يبث فيها الحياة، ويفرز بعد ذلك هرمون السعادة والحب والاسترخاء (الأوكسيتوسين)، الذي يزيد من ارتباط الأم بطفلها، حينما تراه تتولد لديها طاقة حب، وتحدث تغيرات كيميائية في جسدها، تنتج عنها زيادة في إدرار الحليب، وإن كان طفلها بعيدًا عنها، شعرت بذلك الهرمون يفرز، فتقطر لبنًا، فالأمومة أعظم حب. الأوكسيتوسين، يخفف من توتر الشرايين والأوردة، فينخفض ضغط الدم ويحمي القلب، وتزداد المناعة، فالأوكسيتوسين مضاد لمفعول الكورتيزون، فبالتالي يحسن المناعة ويزيد مقاومة الجسم للفيروسات والبكتيريا، ومؤخرًا ثبت أن هذا الهرمون يساعد في رفع نسبة الشفاء بين مرضى السرطان، وما يزيد ارتفاعه هو التلامس بين الأحبة، صديق يضع رأسه على كتف صديقه، والدان يحضنان أطفالهما، محبان يمسكان بيدي بعضهما، حتى أولئك المغرمين بحيواناتهم، يشعرون بالحب تجاهها، فتحدث الكيمياء نفسها، والتغيرات ذاتها، فينعمون بالحماية التي توفرها هذه التغيرات. السعي إلى الصحة والسعادة هدف إنساني يتقاسمه الأفراد من جميع الأعراق والأديان والعقائد والثقافات على مر العصور، بحثت البشرية عن إكسير يحفظ الشباب ويطيل العمر، فلم يجدوا غير الحب، طاقة الحياة ومفتاح إطالة العيش. حسب دراسة أمريكية، تابعت قرابة 286 طالبًا في سنتهم الثانية بجامعة هارفارد، منذ 1938م حتى 2017، مات معظمهم، لم يتبق منهم سوى 19 شخصًا بلغوا التسعين من أعمارهم، توسعت الدراسة لتشمل ذرية الأشخاص، الذين بلغ عددهم في النهاية 1.300 شخص وكانوا في سن ال 50 و ال 60 عام 2017، ودرس الباحثون المسارات الصحية للمشاركين وحياتهم الأوسع، بما في ذلك نجاحاتهم وإخفاقاتهم في المهن والزواج. أظهرت النتائج أن علاقاتنا ومدى سعادتنا في علاقاتنا لها تأثير قوي في صحتنا. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة أن العلاقات الوثيقة - أكثر من المال أو الشهرة - هي التي تبقي الناس سعداء طوال حياتهم، فإذا كانوا سعداء تحسنت صحتهم وبالتالي طالت أعمارهم. العلاقات الاجتماعية الوثيقة تساعد على خفض التوتر لأنها تقلل من هرمون الإجهاد (الكورتيزون)، الذي يعيث فسادًا في صحتنا الجسدية والعاطفية و(يقصر العمر). حب الذات ليس أنانية ، ليس جنونًا حين أقول (أنا أحبني)، بل هو نوع من الرعاية الذاتية، فنعطي الأولوية لصحتنا في كثير من الأحيان، وهذا سيغير سلوكياتنا إلى سلوكيات صحية. مثلًا إذا مارسنا الرياضة وتناولنا الطعام الصحي كتعبير عن حبنا لذاتنا، لتغيرت نظرتنا حولها ولن نجدها عبئًا، فيصبح الحفاظ عليها أسهل بكثير، وفي الواقع ستتحول هذه الممارسات لمتعة لأننا مارسناها ضمن مفهوم حب الذات. حب الذات يشمل كل تلك الأشياء التي نفعلها والتي هي جيدة لنا مثل الحفاظ على نظام غذائي متوازن، ممارسة الرياضة، والحصول على ساعات نوم كافية، وهذا ما يُحسن الصحة وبالتالي يزيد من فرص العيش لسنوات أطول. الحب هو محور الحياة، فإذا أحببنا دقت قلوبنا، انتظم نبضنا وتحسنت صحتنا، وعندما يتوقف القلب عن الحب، يملؤه الحزن، يجف ويشيخ سريعًا ويترك الجسد بلا حياة. أحب نفسك، عملك، أسرتك، أحب الكون من حولك فالحب نعمة.