يتنامي ويتوسع الغضب الشعبي ضد الحوثيين، ترافقه انتهاكات واختطافات وقمع وتقييد للحريات، وشهد العام الماضي تطورا مهما في تزايد موجات من المواجهة الشعبية الرافضة لمليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بالرغم استخدام القوة وأدوات السطوة القمعية، لكن الأصوات الغاضبة أشد وقعاً وتأثيرا. تعيش المليشيات حالة من الهلع والخوف عند تزايد الرفض الشعبي، نتيجة ممارساتها وانتهاكاتها، وتحاول إسكات الأصوات الرافضة بالاختطافات والتغيبب القسري لناشطين انتقدوا سياسة التجويع والإفقار ونهب الأموال والتضييق على الناس في معيشتهم. تعالت أصوات اليمنيين لا سيما بعد الهدنة الأممية التي كشفت للعالم أكاذيب الحوثي، بعد فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة وتدفق سفن المشتقات النفطية، وتبخرت كل الادعاءات والأكاذيب بعد ثمان سنوات من نهب المرتبات وتردي الوضع المعيشي، ومحاولة التضليل الإعلامي وتزييف الوعي المجتمعي، واتضح للجميع أن ما تردده حول العدوان والحصار وغيرها الشعارات الزائفة، مجرد شعارات تستغلها لنهب الأموال وتوسيع ثرائهم الفاحش، في الوقت الذي يتضور فيه الشعب جوعاً. في مارس 2022 كانت العاصمة صنعاء على موعد مع حراك شعبي عفوي وبصورة غير متوقعة، تنادي برحيل المليشيات، وامتلأت جدران العاصمة صنعاء بعبارات السخط ضد العصابة الإرهابية، في عدد من حارات ومديريات صنعاء، وأصيبت المليشيات بالذعر ما دفعها إلى تهديد عقال الحارات واختطاف الناس بشكل عشوائي. يمكننا القول إن اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثي، استطاعوا كسر حاجز الخوف أمام آلة البطش الحوثية، التي تحاول إرهابهم وتسويق القوة الوهمية لإذلال المجتمع، تمثلت حالة الرفض الشعبي بعشرات الوقائع التي تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وعلى أرض الواقع آلاف المواقف البطولية الرافضة لم تسجلها صفحات التواصل، وغابت عنها عدسات الكاميرات. العام الماضي، وفي سعيها الحثيث لتطييف المجتمع اليمني وطمس هويته، حاولت المليشيات فرض خطباء تابعين للسلالة بقوة السلاح غير أن المصلين أنزلوهم من المنابر وطردوهم، بالرغم من استقدام قوات مليشاوية لتخويف الناس لكن الصوت الوطني الرافض كان قويا، وعند محاولة عناصر تابعة للمليشيات نهب أراضٍ في المدينة السكنية بسعوان وتسويرها انقضوا كالأسود وهدموا السور، وهو لسان حال اليمنيين القائل سنهدم خرافاتكم وضلالاتكم الطائفية لا محالة. على مدى ثمان سنوات، ومليشيا الحوثي تنهب الأموال الخاصة والعامة مستخدمة سياط التهديد والقتل ضد من يعارضها، غير أن العام الماضي خرج الناس في بني مطر وصرف وهمدان وخولان وتهامة والكثير من المناطق رافضين وغاضبين وأحيانا قوبلت حملاتهم الأمنية بمواجهات شرسة من المواطنين، لأنهم يدركون أن المليشيات لا تفهم سوى لغة القوة. تتوسع كل يوم حالات السخط الشعبي، في الوقت الذي تستغل فيه مليشيا الحوثي الهدنة الأممية لتضاعف من عمليات النهب المنظم للإيرادات العامة، والإيرادات الضريبية والجمركية للمشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وبيع النفط الإيراني المهرب، وتزايدت جباياتها غير القانونية على القطاع الخاص، والذي ينعكس على كاهل المواطنين، بحسب التقديرات فقد بلغت إجمالي الإيرادات في العام 2022، التي نهبتها ميليشيات الحوثي (2) تريليون و(310) مليارات ريال، وهي أضعاف إيرادات الدولة في العام 2014م. وضمن مسلسل التطييف والتجريف، تحاول مليشيا الحوثي إجبار موظفي الدولة التوقيع على ما تسمى بمدونة السلوك الوظيفي التي تتضمن التمييز العنصري والتفوق العرقي، ومعتقدات الولاية والعودة إلى عصور العبودية، وتسلب الموظف حقه في حرية الرأي والتعبير، وتتنافى مع قيم الجمهورية ومبادئ الشعب اليمني، لكنها لاقت رفضا وسخرية واسعة، ما يثبت أن الشعب اليوم أكثر وعيا في مواجهة المشروع الطائفي الكهنوتي السلالي. تتواصل حالة الرفض والسخط الشعبي وما يزال أكثر من مليونين ونصف طفل خارج مقاعد الدراسة، بسبب الحرب واستمرار التشرد والنزوح، وصعوبة الحياة المعيشية التي أجبرتهم على ترك التعليم، والوضع الصحي في تدهور مستمر وعودة الأمراض والأوبئة التي تخلص منها اليمن منذ ربع قرن. مع تزايد انتهاكات مليشيا الحوثي، وتدهور حالة حقوق الإنسان بشكل مفزع، دون أي رادع للمليشيات الحوثية وغياب المساءلة القانونية لمرتكبي الانتهاكات، وتجاهل المجتمع الدولي، إلا أن ثورة شعبية تلوح في الأفق ضد مليشيات الإرهاب، فالشعب الذي صنع المعجزات في سبتمبر وأكتوبر باستطاعته اليوم استعادة الوطن، صون كرامته وحريته، والحفاظ على مكتسباته، وابتلاع من أسرف في تجويعه وإذلاله، وصناعة مستقبل مشرق، وطن يحتمي وينعم في ظله الجميع تحت سيادة الدستور والقانون.