فازت السعودية، وخالفت كل التوقعات، وأثبتت للعالم أن لا أحد يقف أمام أسود سلمان، وهُزمت الأرجنتين في أول مباراة بكأس العالم، واهتزت كل البيوت في وطننا فرحًا عندما أعلن حكم المباراة فوز السعودية باستحقاق، وكان الأبطال حاضرون كما عهدناهم. ومن قبل هذا الفوز المستحق والذي أثلج صدورنا أطلت السعودية من جديد بإنجاز غير مسبوق عبر نافذة أخرى من نوافذ المستقبل، وحقق الشباب السعودي المركز الأول في بطولة الأولمبياد العالمي للروبوت (WRO) لعام (2022) والتي أقيمت في دورتموند بدولة ألمانيا الاتحادية، وهي مسابقة عالمية تستهدف إظهار الابتكار في مجال الروبوت لفئة الشباب من 8-19 عامًا. تضافرت جهود متعددة ومن جهات رائدة بالمملكة لدعم الفائزين في كل المجالات، وأثبت الجميع أن الشباب السعودي لديهم من القدرات ما يمكنهم من تحقيق أعلى مستويات الأداء العلمي والتقني والرياضي، ويدل دلالة واضحة على أننا نسير في الطريق الصحيح، وأن الدعم اللامحدود من حكومة المملكة وقائدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد من سلمان قد آتى ثماره، وأن القادم سيكون أجمل وأفضل وأعمق أثرًا في كل المجالات. إن الروبوت السعودي يجسد الأهمية الكبيرة لضرورة مشاركة الشباب في المحافل العالمية لإكسابهم المزيد من الخبرات، والاطلاع على ما يدور في العالم من اتجاهات تربوية تتخطى حدود المنهج التقليدي، وتوفر للطلاب بيئة مناسبة للتثاقف والحوار مع مختلف الحضارات، وتظهر تميزهم، وتزيد من ثقتهم بأنفسهم، كما أن هذا الإنجاز وغيره يجعل مخططي التربية لدينا يسعون بجد نحو المزيد من التطوير والاهتمام بالشباب في مجال التقنية. وبالنظر لهذا الإنجاز الرائع فإنه لا بد أن تتجه أنظار المعلمين والمعلمات في المدارس وخصوصًا في مجالي العلوم الطبيعية والرياضيات إلى تطوير خبراتهم في مجال الروبوت، فمن دون المعلمين المتمكنين لا يمكن للطلاب أن يطوروا مهاراتهم، ففاقد الشيء لا يعطيه، فالكثير منهم لا يعرف عن الروبوت إلا اسمه، لذا لا بد أن تسرع وزارة التعليم في تطوير برامج التنمية المهنية غير التقليدية والتي تركز على تصميم وبرمجة الروبوت، وأن تستعين بخبرات الاتحاد السعودي للرياضات اللاسلكية والروبوت، والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والجهات الخاصة ذات الاهتمام بمجال الروبوت لتصميم برامج دراسية متخصصة للطلاب والطالبات في المدارس والجامعات، وأن تكون هذه البرامج جنبًا إلى جنب مع برامج الأنشطة الرياضية والفنية، وأن تُدعم هذه الجهود بالشراكات الداعمة من القطاع الخاص ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية لتلك الجهات. إن الروبوت وتقنيات النانو درونز وغيرها من التقنيات الحساسة والدقيقة تشكل لدى الشباب شغفًا لا يمكن تخيله، لكن البيئة المدرسية التقليدية لا تمكنهم من تلبية تلك الرغبات وإشباع الميول الهائلة نحوها بسبب أعذار تتعلق بقلة وجود المتخصصين، أو عدم وجود التمويل اللازم لتلك البرامج. القيادة المدرسية المتفتحة نحو التقنية تستطيع ابتكار الحلول المناسبة للمشكلات التي تتعلق بالتمويل أو الخبرات من خلال الشراكات، والبحث بجد عن الوسائل التي تضع المدرسة في المكان الصحيح للتوجه نحو المستقبل. وأخيرًا لنصفق جميعًا ونحيي المنتخب السعودي والروبوت السعودي، ونقول جميعًا عاشت السعودية، وعاشت رايتها خفاقة.