في وعاء بلاستيكي أسود، وفرشاة عريضة أخلط اللونين الأشقر الرمادي والقليل من الأخضر، مع أغنية قديمة، لأستر الشيب الذي يتجدد كلما غفلت! حقيقة الأمر أن هذا الشيب أصبح من الروتين الشهري مؤخراً، حتى أخبروني بأن لدي نقصا في فيتامين دال وب12، وأنه المسبب الأول للشيب! حسناً ماذا عن تلك الخطوط الرفيعة تحت العينين مسكنات ضجيج العمر المربك، حينما يتقدم بك العمر وأنت تحاول أن تعود للوراء دون جدوى؟ كفاية كذب! أدير شريط حياتي وأعود بالذكريات، ثم سرعان ما يتواطأ الاستنكار لتناول حبة منومة! الأرق هو نقطة الصفر لانطلاق المفاوضات بين الجانبين الصاخب القديم والناضج الجديد. عن جيل الطيبين أحدثكم، المحترقين المتأرجحين بين حياتين، جيل القاضية اللي بنجيب فيها أجل هذا الكوكب المتردد، لم يتبق كارثة لم يحضرها جيل الطيبين هذا. الذي خلطناه في وعاء أسود باسم صبغة نغطي بها شيب التجارب، ومطبات الأحداث، ومنعطفات الكوارث، وأخبار الحروب، وسلسة المصائب التي حلت على العالم بقدومنا، نعم بلغنا الأربعين نعم، ولكننا لسنا بطيبين، بل حقودين حسودين، لأننا أدركنا الحياة ونحن نخلط ما تبقى من العمر في وعاء أسود يا جماعة. جيل أغلبه الآن يمسخر نفسه، فهم نفس الأشخاص الذين يطلق عليهم «شوقر دادي» و«شوقر مامي» رغم أنهم مغموسون في «العلقم»، ألقاب تخلع علينا بينما نتحاشى يا عمة، ويا خالة! لا تحملونا أكثر مما حمله لنا الزمان، فقد فتح هذا العهد كل البوابات لكل الأعمار، لا تقفوا في وجوهنا وتشوهوا ما تبقى منا، بمسميات لا تليق بمحاربين في مضمار الحياة. كفى تنمرا، ودعونا للتصابي ولو لأعوام قليلة، لن نزعجكم لأننا لا زلنا بالجيل الجديد مندهشين، معجبين، مستنكرين، نحن متخبطون فاعذرونا، أو خذونا بعين الرحمة. هي رسالة للجيل الجديد..أستحلفكم برب الدهشة أعيدوا لنا فكات المرح لو بأثر رجعي افتحوا لنا الأبواب يا (سمسم). افتح يا سمسم نحن «اللي ما نتسمى»!