لكل فنان أسلوبه في الأعمال التي يقدمها، فكل رسام أو شاعر أو كاتب له طريقته التي تميزه عن الآخرين، وهذا الأسلوب هو ما يجعل عملا يتفرد في وصفه، أو يتفوق على غيره. وعلى الرغم من أن مثل تلك الأساليب قد تكون في بعض حالاتها أمرا فطريا، إلا أنه بالإمكان اكتساب تلك الصفات أو الأساليب، وبالتالي يمكن محاكاتها والعمل بها، أثناء إنتاج أحدهم لمقالة أو قصة أو رسمة أو قصيدة. أحد المجالات التي يظهر فيها جلياً اختلاف الأسلوب، هي الكتابة، فيمكن ملاحظة أن لكل كاتب أسلوبه الخاص، الذي يميزه عن أقرانه في المجال، فالجميع يستطيع الحديث أو الكتابة عن موضوع محدد، ولكن أسلوب كل فرد هو ما يشكل عنصر الإبداع أثناء الطرح، لذا فمن الضروري التفريق بين المحتوى والأسلوب. دخلت تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مجالات الكتابة وصناعة المحتوى، منذ سنوات عدة، وقد استفاد المجال منها في عدد من جوانبه، ومن هذه الجوانب تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بأسلوب الكتابة، كالنظام الذي بنته الدكتورة هيانشاو شين (Tianxiao Shen) مع فريق بحث في العام 2017، إبّان دراستها بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، حيث تم تطوير تقنيات يمكنها التفريق بين أسلوب الكاتب والمحتوى، فتستطيع هذه التقنيات التعرف على المفردات التي تجعل من نص معين له طابع إيجابي أو طابع سلبي، ومن ثم تعمل على تحييد هذه المصطلحات، ولهذه التقنيات استخدامات عدة، منها تغيير حدة النص أو نبرته مثلا، أو تحويل الطرح من سلبي إلى إيجابي. غير أن هذه التقنيات التي عملت عليها الدكتورة هيانشاو وغيرها من الباحثين في السنوات التي تلت عمليها، كانت تواجه تحديات، يكمن أحدها في أن تلك النظم تفترض أن كل كلمة في النص تمثل إما المحتوى أو الأسلوب، مما يعني أن أي عملية تعديل تمس الأسلوب، سيترتب عليها حذف مفردات أو إضافة مفردات للنص الأصلي، مما يترتب عليه احتمالية أن تفقد بعض المعلومات الواردة في المقالة. ولمواجهة هذا التحدي، قام الدكتور دونجكيو ليي (Dongkyu Lee) مع فريق بحث في العام 2022 بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا (The Hong Kong University of Science and Technology) قاموا على تطوير نظام يعمل به عدد من خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تقوم إحدى الخوارزميات بتحديد المفردات التي تحتوي على المعلومات الرئيسية في النص، ومن ثم تعمل خوارزمية أخرى على تحديد المفردات التي تدل على أسلوب الكاتب، تليها أخرى تقوم بالتأكد من إمكانية الحفاظ على كامل النص، وإمكانية بناء تطابق بين النص والأسلوب، ومن خلال تلك الخوارزميات يمكن تغيير أسلوب النص مع الحفاظ على أغلب النص الأصلي، بل يمكن لتلك الخوارزميات تحييد الأسلوب لكاتب ما، ومن ثم استخدام معلومات الأسلوب لتعديل مقالة كاتب آخر لتكون وكأن المؤلف الأول هو من قام بكتابتها.