بات بالإمكان المطابقة بين جهاز الكمبيوتر وأثاث المكتب بفضل مقاول فرنسي نجح في جمع أفضل الحرفيين حول مشروعه القاضي بالمزاوجة بين التقليد والتكنولوجيا. ويتلاشى اليوم سحر أجهزة الكمبيوترات العادية المصنوعة من البلاستيك الرمادي الكئيب، أمام الأجهزة التي يصنعها جورج شيريتا في مشغله في إقليم سان-إي-مارن الفرنسي ثم يزودها بشاشات مطلية بالذهب وبعواميد رخامية تعلوها تماثيل نسور وبفأرة ولوحة مفاتيح مغطاة بالجلد، لتضفي لمسة من الفخامة والتميز وتجعل المستخدم يشعر كما لو أنه يمسك بقطعة من المجوهرات أو تحفة نادرة. ويشرح شيريتا الروماني الأصل وهو يجلس أمام مكتبة تضم كتيبات عن المعلوماتية وكتبا عن الفنون التزيينية "في البداية، كان الجميع يشعر بالذهول عند رؤية ثريا من طراز لويس الخامس عشر مع مصابيح كهربائية. أما اليوم، فلم يعد ذلك يفاجئ أحدا". ولاحظ هذا المهندس الكهربائي الذي وصل إلى فرنسا قبل 22 سنة أن "الكمبيوتر كان يعتبر مجرد أداة، لكن بعد تطوره، بات من الأسهل النظر إليه على أنه سلعة فاخرة". فقرر استغلال الثروات الفنية في فرنسا في مجال لم يسبقه إليه أحد ألا وهو تصميم أجهزة الكمبيوتر الفاخرة وتزيينها بالجلود والمجوهرات وطلائها بالذهب أو إحاطتها بالرخام الفاخر. وركز شيريتا على ثلاثة طرازات كلاسيكية رئيسية في رأيه هي لويس الخامس عشر ولويس السادس عشر والطراز الامبراطوري. وبغية تنفيذ فكرته، قام في نهاية التسعينات بإنجاز مخططات ونماذج مختلفة. وتولى بنفسه تركيب كل المكونات المعلوماتية في مشغله، لكنه عجز أمام تنفيذ الديكورات الكلاسيكية، فأدرك أنه لن يحصل على النتيجة المرجوة بواسطة الأدوات الحديثة. فقرر البحث عن حرفيين يمكنهم أن يقدموا إلى مشروعه "درايتهم الاستثنائية المتناقلة عبر الأجيال". لكن شيريتا استغرق وقتا قبل أن يحظى بثقة هؤلاء الحرفيين المعتادين إصلاح تحف أو مفروشات قديمة أكثر من الغوص في التكنولوجيا. إلا أنهم عندما فهموا المبدأ وأدركوا أنه لا يقلل من قيمة عملهم، رحبوا بشيريتا في عالمهم "المغلق جدا"، على حد قوله. فتولى شيريتا بنفسه تنفيذ 80% من جهاز الكمبيوتر، بما في ذلك الأجزاء الإلكترونية كلها، وأوكل الحرفيين بالمهام الأخرى، كل بحسب اختصاصه. ويعكس سعر أجهزة الكمبيوتر الفاخرة هذه العناية المتوخاة في صنعها والمواد القيمة المستخدمة فيها، ويبدأ سعرها من 17 ألف يورو. ثم "يعتمد السعر على الأسلوب واللمسات الأخيرة"، على حد قول شيريتا الذي يضيف أنه يمكنه تنفيذ كل شيء بحسب ذوق الزبون. ويوضح "نحن نعمل بشكل خاص مع مهندسي تصميم لأن الأثرياء لا وقت لديهم للاهتمام بهذه التفاصيل. وأحيانا، لا تتيح لنا الفرصة التعرف إلى الزبون نفسه". ويضيف شيريتا أن "90% من الزبائن هم أجانب"، رافضا إعطاء مزيد من التفاصيل عن زبائنه الأثرياء ومكتفيا بالقول إن الصينيين يحبون الأغطية اللماعة فيما يفضل الزبائن الخليجيون الذهب غير اللامع ولا يبدو أن للأميركيين تفضيلات معينة. ويحرص شيريتا أيضا على إبقاء عدد أجهزة الكمبيوتر المباعة كل سنة سريا بغية الحفاظ على قيمة المنتج وتميزه.