يقول الشافعي كما ينسب إليه في قصيدة «وسافر ففي الأسفار خمس فوائد» ودون الدخول في تفاصيل الأبيات فإن الفوائد التي يجنيها المسافر في نظر الشافعي هي تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد. وفي ما أظن أن هذه الخمسة ليس بالضرورة أن الحصول عليها يكون في السفر فقط، فقد يحصل عليها الإنسان – وذلك أقرب – في محل إقامته دون عناء أو مشقة، فالأمر لا يأخذ منه أكثر من إرادة وهدف، وبناءً عليها يزاح الهم ويتسع الرزق ويتعلم ويتحلى بالأدب ويصاحب أخاً لم تلده أمه. أعتقد أن المقصود من الأبيات سابقة الذكر أن يغير الإنسان روتين حياته اليومية، فبالتأكيد أن السفر يخلص الإنسان من السلبية التي تحيط به، فبغض النظر أن تكون السلبية نابعة من داخل الإنسان، فقد تكون الأشياء والظروف التي تحيط به تحتاج إلى أن تفارقها وتبتعد عنها مسافات لبعض الوقت.! من وجهة نظري أن السفر ليس ضروريا في حياتنا، فالإنسان يستطيع أن يعيش بمنتهى السعادة من داخله شريطة أن تكون له أهداف في هذه الحياة، لأن السبب الرئيسي في رتابة الحياة اليومية وتكرار الروتين الممل وصعوبة الخروج منه هو أن أغلبنا يعيش بلا هدف ولا رؤية، تقوده نحو مستقبل متغير ينمو فيه إلى ما هو أفضل. إن الذي يجعلنا نعيش في طاقة سلبية، ولا نستطيع التكيف مع الظروف التي تحيط بنا، ونبحث عن السفر إلى أماكن خارج البلاد بتكاليف باهظة، هو خلو حياتنا من خطة مؤسسة على أهداف مستقبلية أياً كانت هذه الأهداف، فليس بالضرورة أن تكون أهدافاً مثالية وطويلة الأجل، فقد يكون هدفك هو إنقاص وزن زائد أو طرد الكسل واكتساب نشاط بدني، أو قراءة كتاب واستخلاص الفوائد منه وحفظها، أو تشكيل مجموعة من الزملاء والأصدقاء المتقاربين في الأفكار، والقيام بجلسات دورية على نحو مستمر، أو تحديد عدة معالم في مدينتك والقيام بزيارتها واكتشاف جماليتها وأهميتها، المقصود ألا تكون خاوياً بلا هدف ورؤية و خطة تسير عليها بشكل متغير كل يوم، وتأكد أن إحداث تغيير إلى ما هو أفضل في كل يوم جديد في حياتك يزيدك إشراقاً وسرورا، ويتجدد لك طعم الحياة.