تندفع سيارة أجرة تقل جرحى بأقصى سرعة في شوارع حلب عابرة بين مبان اخترقتها القذائف وكوم الحطام فيما تدوي طلقات مدفعية. ذلك المشهد بات يتكرر يوميا في حياة سكان المدينة التي تشهد منذ شهر معارك ضارية. ووصف نظام بشار الأسد المعركة الجارية في حلب بأنها "أم المعارك". وقال الناشط في حلب أبو هشام متحدثا عبر سكايب "الوضع مؤلم في المدينة. إنهم لا يدمرون مدينتنا فحسب بل ذكرياتنا أيضا". وتابع "كل عائلة تقريبا بات لديها قتيل أو جريح"، مضيفا "عائلتي بكاملها نزحت" من المدينة. واضطر أكثر من 200 ألف من السكان إلى الفرار من منازلهم منذ الأيام الأولى من المعارك التي اندلعت في 20 يوليو. وشاهد صحفيون في جميع أنحاء حلب التي صنف حيها التاريخي على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، أكواما من النفايات يرتفع منها دخان أسود. وبات الموت يحصد الضحايا يوميا في المدينة. وفي حيي الصاخور والشعار أقام الجيش السوري الحر مراكز قيادية. وتعبر شوارع الحيين كل يوم سيارات أجرة مسرعة تنقل جرحى فيما يطلق المقاتلون النار محاولين إسقاط مروحيات تقصف مواقعهم. وقال أبو هشام "لا ندري كم من الوقت ستستمر المعركة". وأضاف "لديهم طائرات، والثوار يدمرون دبابات الجيش. هذا أمر مبرر، غير أن الدبابات ليست ملكا لبشار بل هي ملك للشعب". أما في دمشق فقد أعاقت كثرة الحواجز الأمنية حركة السير. وأعرب سائق سيارة يدعى أبو أيمن عن امتعاضه وهو يستعد لإبراز هويته الشخصية لأحد عناصر الأمن المشرفين على الحاجز، ثم يرسم ابتسامة زائفة للعنصر قبل أن تمضي السيارة في طريقها. ويشتكي أبو أيمن من انتشار الحواجز في العديد من أحياء العاصمة السورية، إذ إنها "تعيق العمل". ويضيف "كنت أعتقد أن عملنا المتراجع أصلا سيتحسن قليلا مع حلول العيد إلا أن نشر الحواجز في العديد من الأحياء حال دون ذلك". ويقول أبو أيمن "كنا سابقا نتجنب الذهاب إلى ضواحي العاصمة بسبب كثرة الحواجز، والآن لم يعد ذلك مجديا إذ أتت الحواجز إلينا". ونشرت السلطات السورية مع حلول العيد حواجز أمنية وعسكرية في أحياء وشوارع رئيسية بالعاصمة. ويختتم أبو أيمن حديثه ساخرا، لدى اقترابه من حاجز جديد "ماذا يعتقد عنصر الأمن عندما أبرز له هويتي، أن يقرأ اسم برهان غليون عليها مثلا".