فوجئ محسن العتيبي بأن أطفاله يواصلون الليل بالنهار أول أيام العيد، وقد بدت على وجوههم آثار السهر والإعياء، وقال إنه حاول بشتى الوسائل أن يجد تنظيما خاصا لكي يضبط الساعة البيولوجية لأسرته، ولم يتمكن، نظرا لكون أيام العيد أيام تواصل وخروج من المنزل، وهو ما كان مختلفا في شهر رمضان، حيث كان يحلو النوم نهارا، والسهر ليلا حتى ساعات مبكرة من الصباح. وهكذا يعتبر التحول من النظام اليومي للأسر والأطفال في رمضان إلى نظام العيد مشكلة تؤرق الأسرة، وتحدث اضطرابا كبيرا في الساعة البيولوجية للأطفال، فعودة النهار الذي كان وقتا للنوم في رمضان إلى وظيفته الطبيعية ليكون وقتا للزيارات، والتواصل والخروج من المنزل فجأة أمر في غاية الصعوبة كما يؤكد البعض، وأمام هذه التحولات في البرامج الأسرية، تقف كثيرا من الأسر عاجزة عن حل إشكاليات أطفالها مع النوم. تقول أم عبد الرحمن إنها اضطرت إلى مراجعة الطبيب باثنين من أطفالها ثاني أيام العيد بعد أن عجزت في أن تجعلهما ينامان، وقالت "هرعت إلى الطبيب أشكو من عدم نوم أطفالي، فطمأنني وأخبرني أن المسألة فقط اضطراب في الساعة البيولوجية للنوم، ونصحني بأن أتركهما ينامان في الوقت الذي يناسبهما، ولكن على أن لا يطول ذلك، بحيث يتم التغيير تدريجيا. ولم يكن اضطراب النوم هاجس الأسر فقط، فحتى الشباب وجدوا أنفسهم في العيد مضطرين للعمل وفق نظام رمضان، حيث قصروا النهار على النوم، واستمروا في تخصيص الفترة المسائية للخروج والزيارات، وقال عبدالله اليحي إنه لم يبدأ في تغيير برنامجه اليومي حتى الآن، حيث ينام النهار كاملا، بينما جعل الليل للخروج، والتواصل مع الزملاء، ومعايدة الأصدقاء والأقارب. واعترف أن لهذا الاضطراب في النوم سلبياته، فعندما اضطر إلى الذهاب في موعد صباحي لمراجعة إحدى المستشفيات غلب عليه الكسل، وتطلع للعودة بسرعة للمنزل ليواصل النوم. وأشار عبد الله إلى أنه لن يستطيع ضبط نظامه إلا مع بداية الدوام الرسمي الذي سيجبره على أن يصحو من نومه في تمام الساعة السابعة صباحا. وفي هذا الصدد ذكرت استشارية طب الأسرة بمركز الحرس الوطني بالمدينة المنورة الدكتورة سامية صديق صبره أن "الأم وجميع أفراد الأسرة ينبغي عليهم أن يتعاونوا في ضبط الساعة البيولوجية لدى الأطفال، لأن هرمون النمو يبدأ في العمل أثناء النوم لديهم، لذلك ينبغي أن يأخذ الأطفال كفايتهم من النوم المريح، خاصة في رمضان والعيد، وذلك للخلل الكبير الذي يحدث في ساعات النوم فيهما لدى الكبار والصغار". وأشارت إلى أن حل إشكالية النوم بصورة سليمة تحتاج إلى إرادة قوية، إضافة إلى التعاون الكبير بين أفراد الأسرة الواحدة بهذا الشأن، وأضافت "ينبغي أن يتم شغل أوقات فراغ الأطفال نهارا بأنشطة مختلفة كالتسوق، وشراء الألعاب، والتنزه، ونحوها حتى لا يستغرقون طوال النهار في النوم. وأكدت صبره أن "الأم يقع على عاتقها جانب كبير من مهمة ضبط مواعيد نوم أطفالها، حيث يتم تجهيز الأطفال للنوم منذ الساعة السابعة مساء، وتوفير أجواء هادئة لهم ومريحة استعدادا للنوم المبكر، وهذه العملية تحتاج إلى كنترول، وإرادة لمدة يومين، حتى ينجح الوضع في إعادة الأطفال للنوم بصورة طبيعية". وقالت "بالنسبة للكبار ينبغي أن يبتعدوا عن المنبهات كالقهوة والشاي من بعد فترة الظهيرة، حتى لا يسهروا ليلا، والأجواء الحارة نهارا تجعل الجميع يميلون إلى برودة الأجواء في الليل، فيحلو لهم السهر والخروج والتنزه، ولكن بحكم الاختلال الكبير في نظام الساعة البيولوجية ينبغي أن تسير الأسر على نظام معين لا يختلف بالمناسبات ولا غيرها".