تسعى رؤية المملكة 2030، ضمن أهدافها الإستراتيجية، إلى وضع السعودية ضمن مصاف الدول الكبرى من مختلف مناحي التطوير، مع التأكيد على تجسيد قيم التكافل الاجتماعي أيضًا بين الأفراد، لينشأ عن ذلك مجتمع متوازن، ما بين القيمة الإنسانية، وما يدعمها من تقنية رقمية، تسهل وتحث مؤديها إلى فعلها ب«كبسة زر». لم يكن التسهيل هو الهدف الوحيد لرقمنة التعاملات بين الأفراد بعضهم بعضا، أو بينهم وبين الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة، وإنما يدخل معها بشكل مهم ضبط التعاملات نفسها وتنظيم العمل بشكل واضح وسلس ومنضبط. وإخراج الزكاة في مصارفها الشرعية الموثوقة هو هدف الجميع أفرادا ومسؤولين، وذلك لتجسيد قيم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، والفئات المستحقة للزكاة. والناس يتدافعون إلى العمل الخيري بحكم أنهم مجبولون فطرة ودينا على ذلك، ولكن بسبب عدم وجود التنظيمات والتشريعات الرقابية الكافية من جهة وعدم حوكمة العمل الخيري ومن ضمنه إيصال الزكاة لمصارفها المعروفة تم في فترات سابقة استغلال بعض الأفراد للمنظمات الخيرية ووجهت مصارف التبرعات والزكوات إلى غير وجهتها الصحيحة، واستخدمت للإساءة إلى صورة الإسلام والوطن وإلى تشويه صورة العمل الإسلامي الخيري عن طريق إقحامها في أعمال الإرهاب وتعرض الأموال الموجهة للخير في الاختلاس أو سوء استخدامها وأحيانا سوء إدارتها عمدا أو جهلا وحسن نية. لذلك كانت فكرة تدشين منصة وطنية موحدة للسعوديين هدفًا في محله، ضمن خطط التطوير التقنية لتوفير المعلومة المباشرة، باحترافية، عن حساب الزكاة، والفئات المستهدفة، ومصارفها الشرعية، إذ قبل خمس سنوات، كانت أمام المواطن طرق متعددة لإخراج زكاته، ويختلط الموثوق منها، مع غير الموثوق، مما كان يسبب حيرة المواطن، خصوصًا في شهر رمضان، إذ يجتمع عموم المسلمين لإخراج زكاة الفطر في وقت واحد، وتتزايد الحاجة إلى وسيلة سهلة ويسيرة، إلى أن أطلقت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تطبيق «زكاتي» للهواتف الذكية، الذي مر عليه خمسة أعوام على التوالي حتى الآن، والخدمة تتيح للأفراد إخراج الزكاة اختياريًا عبر التطبيق مباشرة، أو من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالخدمة (Zakaty.gov.sa). أصبح المزكِّي يعرف بنفسه الفئة المستهدفة من زكاته، وإمكانية حساب زكاته الواجب إخراجها بمختلف أنواعها، سواء كانت أموالاً، أو ذهبًا، أو فضة، أو أسهمًا، أو غيرها، ودفع الزكاة بشكل موثوق وميسر وسريع، مع إصدار فاتورة للعملية، إضافة إلى خاصية التذكير بمواعيد الزكاة، وبذلك يتيح التطبيق للمواطنين فرصة أداء زكاتهم بسلاسة من خلال خدمة قنوات الدفع الإلكترونية، وكل ذلك بإشراف الهيئة. «زكاتي» منصة وطنية، تجمع المواطنين، ما بين المزكي والمستحق، مباشرة، منصة لجمع الزكاة لصرفها للفئات المسجلة في برامج الضمان الاجتماعي، والفئات المستحقة للزكاة، هي: الأيتام، والعاجزون عن العمل، ومن بلغ سن الشيخوخة، والأسر غير المعولة مثل (الأرملة، والمطلقة مع أبنائها، وأسر السجناء، والأسر المهجورة، وأسرة المتغيب والمفقود، وأسرة مدمن المخدرات، وأسرة عائل فاقد الأهلية)، والنساء اللاتي لا عائل لهن، مثل الأرملة والمطلقة والمهجورة بمفردهن وزوجة السجين، ومجهولي الأبوين ممن تجاوزوا سن 18 عامًا، وذلك بعد دراسة كل حالة، وفق ضوابط، واستطاعت منصة «زكاتي» في شهر رمضان العام الماضي، جمع 87 مليون ريال، استفاد منها مستحقو الضمان الاجتماعي. ويستتبع عن ذلك، استدامة فريضة الزكاة، وإيصالها لمستحقيها خلال دقائق، مباشرة، إضافة إلى توطيد أواصر التكاتف والترابط المجتمعي من خلال تيسير أداء فريضة الزكاة وإيصالها لمستحقيها، من خلال منصة واحدة، يمكن استعراض أبوابها الاحترافية، بسهولة التصفح، وسرعته في الوقت نفسه، ما يحث المستخدم (المزكي) على أداء زكاته، وهو لا يحمل هم الوقت، أو ما يمكن أن يعطله عن تأدية فرض من فروضه. هذه الشفافية والوضوح كانت مهمة وضرورية لنجاح المبادرة التي كانت فكرة، ناتجة عن حاجة، وحين تحققت الفكرة، سهل إتمام الحاجة التي لزمها، عمل دؤوب، وإخلاص، لتتحقق، كما تحققت «زكاتي»، وفق شراكة إستراتيجية قائمة بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك، لتوفير بيئة تقنية زكوية، ليس على مدار العام فقط؛ بل على مدار اللحظة. ولكن لأن الناس حريصة على أن تصل صدقاتهم وزكواتهم إلى مستحقيها نحتاج إلى بث الطمأنينة في نفوسهم ليس عن طريق الترويج فقط للتطبيق والتعريف به رغم أهميته، ولكن في معرفة تفاصيل مخرجات المبادرة، وكيف تصل إلى مستحقيها لتطمئن نفوسهم بعد أن اكتشفوا الاختراقات التي تمت في زمن مضى، ويكون تعريف الناس بتفاصيل ما تم بطريقة لا يشوبها من ولا أذى حسب التعاليم الإسلامية والمبادئ الإنسانية.