على خطى أجداده، يقف الطفل «ناجي»، ابن ال5 سنوات، وسط جموع المصلين في المسجد النبوي، يرحب بالصائمين، ويقدم الوجبات لهم، معربا عن فخره بمرافقة والده يوميا، لخدمة الصائمين في المسجد النبوي. يمثّل الحضور للمسجد النبوي، وخدمة الصائمين، وتقديم وجبة الإفطار لهم عادة يومية لها جذور وتاريخ، توارثتها الأجيال كل عام في الحرم النبوي. ويحافظ على هذا الموروث أطفال تميزوا بالأناقة وحسن الضيافة، يحاكون الكبار في زيهم، وترحيبهم بالصائمين، وهو ما يؤكد مدى تمسكهم بموروثهم بكل تفاصيله. رمضان يجمعهم يعد رمضان فرصة تجمع القائمين على موائد الرحمن كل عام، ويشكّل الشهر الفضيل ومواسم العبادة الأخرى مثل الأيام البيض من كل شهر، ويوم وقفة عرفة، والعاشر من محرم (عاشوراء) صلة الوصل بين ممتهني تحضير وجبات الصائمين في المسجد النبوي، التي تجدد لقاءهم، ويؤكدون فيها حضورهم كل عام. ويحتاج العمل في التطوع بالسفر الرمضانية لحرفية في سرعة تجهيز السفرة الموافقة لشروط الحرمين. كما يُعد رفع السفرة، بعد 10 دقائق فقط من تجمع الصائمين حولها، وترك مكانها بأفضل مما كان عليه، تحديا عند القائمين على السفر الرمضانية في المسجد النبوي. أكبر تجمع لا يزال أهالي المدينة يحافظون على التقاليد الرمضانية التي تسهم في تعزيز قيم الضيافة العربية في شهر الصيام، حيث تتحوّل موائد الرحمن، التي تخدم أكثر من 800 ألف مصل يوميا في المسجد النبوي، إلى مزيج ثقافي يجمع العشرات من الأجناس الذين تقدم لهم وجبات الإفطار على مدى الشهر. ومع أن حجز المواقع لا يجوز شرعا، وتمنعه الأنظمة والقوانين في المسجد النبوي، إلا أن تسلسل الموروث على موائد الرحمن في الحرم النبوي عند أسر المدينة، وحرصهم على المداومة عليه، جعلاه عُرفا وعادة، إذ تحفظ مواقع في المسجد النبوي من الأسر ممن سجلت حضورها لأكثر من 50 عاما. إفطار واستقبال قد توقفت سفر إفطار الصائمين في المسجد النبوي خلال شهر رمضان عامين بسبب جائحة «كورونا»، ولكنها عادت هذا العام للعمل بتنظيمات جديدة: اشتراط الوجبات الجاهزة المغلفة، وتخصيص موظفين لتقديم وجبات الإفطار. كما اشترط تنظيم جديد للجلوس على السفر الرمضانية على طريقة الصف الواحد فقط جهة القبلة، حيث منعت رئاسة الحرمين جلوس الصفين المتقابلين ضمن سياستها لتطبيق الاشتراطات الصحية.