عنوان هذا المقال هو جزء من الخطاب الملكي السنوي لمجلس الشورى الذي ألقاه الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عبر الاتصال المرئي في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، وهي عادة ملكية كريمة كل عام؛ تنطلق من أسسها ركائز أعمال مجلس الشورى الذي يعد ممثلا للشعب كافة، ومنه يستلهم الجميع القيم التي تقوم عليها سياسة قيادتنا الحكيمة، ويتجدد عهده بها مع تأكيد خادم الحرمين الشريفين عليها وعلى المنطلقات الأهم في السياسات المحلية أو الخارجية للمملكة العربية السعودية. بكامل تفصيلات الخطاب الملكي نجد تأكيدا حثيثا على قيمة الإنسان، وتقديم خدمته وحقوقه على كافة التفصيلات. لهذا كانت هذه العبارة هي التوجيه والتوجه الأكبر لقيادة المملكة دائما، والتي وضح الملك سلمان -حفظه الله- في هذا الخطاب بعضا من جوانبها الجلية في عدد من الأمور، يأتي في مقدمتها ما يخدم الإنسان في داخل الوطن ويعزز من أهميته ويؤكدها من خلال الأنظمة والتشريعات الأمنية والمدنية، والتي أكد -حفظه الله- على أهمية ما يتعلق منها بالذات بالحقوق المدنية للمرأة التي تم التعديل عليها في مطلع عهده الزاهر في مجالي وثائق السفر والأحوال الشخصية مما مكنها من الحصول على مزيد من حقوقها النظامية. ونحو مزيد من الاهتمام بالإنسان فإن العمل على مراجعة الأنظمة وتطويرها بشكل مستمر ما زال ملحوظا كما رأينا خلال الأسبوع المنصرم من إقرار لنظام الإثبات ضمن منظومة تطويرية شاملة للأنظمة التشريعية والاجتماعية والعدلية يعلن عنها تباعا. وكان مبدأ الشفافية والنزاهة من أهم القيم الإنسانية التي طبقت بصرامة خلال السنوات الماضية وأكد عليها الخطاب الملكي باعتبارها حقا أصيلا للعدالة التي تقوم عليها أسس هذه البلاد. من الجوانب الإنسانية المهمة التي تناولها الخطاب الملكي لمجلس الشورى؛ ما يتعلق بالتعليم والصحة، جناحا الأمان والتطوير في أي مكان حول العالم خاصة حينما تسوء الأوضاع العالمية كما حدث خلال السنتين الماضيتين مع جائحة كورونا التي عطلت عملية التعليم الحضوري في كافة أرجاء العالم، وكانت المملكة رائدة في التحول الكامل للتعليم عن بعد وعدم انقطاع عملية التعلم لجميع الفئات التعليمية من الطلبة بمعايير عالية ومميزة عبر وسائط رقمية مستحدثة. يسير بالتوازي مع نجاح عملية التعليم النجاح في احتواء هذه الكارثة الوبائية، وتمكين الخدمات الصحية والوقائية لجميع المواطنين والزائرين والمقيمين على أرضها دون تفرقة في صورة تتجلى فيها الإنسانية كما يجب. مع الحرص على فرض احترازات وقائية صارمة تضمن سلامة الجميع والحد من انتشار الفيروس خاصة في الأماكن المقدسة التي تم تقنين أعداد المعتمرين والحجاج فيهما وضمان سلامتهم أثناء تأديتهم للحج أو العمرة -حتى الوقت الحالي- باستخدام وسائل حديثة رقميا ونظاميا. ومع اكتمال منظومتي التعليم والصحة بالاهتمام الرشيد، أشار الخطاب الملكي لجانب إنساني مهم يمس كل مواطن ومقيم، وأعطته الحكومة أولية واضحة وهو جانب تحسين جودة الحياة والذي يعد الترفيه أحد جوانبها بما شهده من توسع واستحداث برامج وفعاليات مختلفة تعد أيضا رافدا اقتصاديا مهما إضافة لجانبها الترفيهي. توفير الترفيه وسهولة التنقل للسياحة من منطقة لأخرى في المملكة بعد إقرار عدد من المشاريع السياحية والاستثمارية بها بما يناسبها، جميعها محورها الإنسان، الذي يذهب إليها بحثا عن السياحة، أو لتوافر فرص العمل في بيئات تحقق التوازن البيئي وتعتني به كأحد مستهدفات التنمية للدولة. لم تغب القيم الإنسانية عن الفرد خارج المملكة في الخطاب الملكي، فهو يؤكد أهمية السلم والأمان في المنطقة، وعدد من دول الجوار خاصة تلك التي ترزح تحت نير الحروب والاقتتال الطائفي الذي تقوده إيران في المنطقة ويذهب ضحيته الأبرياء من المدنيين. والمملكة وهي تقود عملية السلام في العالم كافة والشرق الأوسط خاصة، لم تتوقف يوما عن التبرع المالي السخي لكثير من المحتاجين حول العالم ودعم عدد كبير من المنظمات الدولية التي تهتم بالإنسان أو دعم دول بعينها. إن تحقيق مثل هذه الإنجازات التي تقوم بشكل رئيس على أهمية الإنسان كما جاء في الخطاب الملكي الكريم، واستمرار العمل على المميز منها، وتحسين وتطوير الخدمات بشكل مستمر فيها، لم يكن يوما عملا مرتجلا دون تخطيط مسبق، ودراية كافية بالاحتياجات التي تتطلبها المرحلة، والالتزام التام بما يستحقه ويريده إنسان هذا الوطن بكافة شرائحه وتوجهاته. وجميعها إنجازات وأهداف مستقبلية مبنية على خطط متينة، ووفق مؤشرات عالمية، ومعايير متينة تضمن لها الاستدامة، والابتكار والتميز. وجميعها تحت مظلة الرؤية الحكيمة لقائد هذه البلاد وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- رؤية المملكة 2030 ومبادراتها التي تقود المملكة دائما لطليعة العالم المتحضر.