الكثير من الناس لا يعرف أن جواله اشتراه لراحته وليس لراحة الآخرين! فتجد أن جميع تنبيهاته فعالة! وترى أن جواله لا يعرف الصمت؛ ولذلك تراه مضطربا طوال الوقت ومشغولا، مع كل تنبيه يجعله يُمسك به في كل لحظة!. ولا يكتفي بذلك إذ يصل الأمر به إلى أن يرد على الهاتف طوال اليوم والليلة! فيمكنه أن يرد حتى في وسط انشغالاته، ويمكنه أن يرد حتى في الأوقات التي لا ينبغي له فيها مثل: أثناء الصلاة، أو التواجد في المسجد، وفي صالة الانتظار الهادئة! أو حتى أثناء ذهابه إلى الأماكن الخاصة! . ويمكن أن يتجاوز الأمر إلى مراحل أصعب، كأن يوقظه الجوال من سابع نوم، والكارثة أن يكون هذا الاتصال بالخطأ، وقد تعكر بعض التنبيهات مزاجه أثناء اجتماع مهم في العمل، وقد يُحرجه صوت جواله العالي في المسجد، وقد تُخرجه بعض الرسائل عن جو العمل، وقد تسبب له بعض الاستجابات لبعض الاتصالات إحراجا أو مشكلة معينة؛ لأنه يكون حينها قد رد وهو مشوش التفكير! . هذا وأمثاله يحتاجون إلى أن يعرفوا أن جوالاتهم صُنعت لراحتهم، وليست لراحة الآخرين، وعليهم أن يعوا أن كثيرا مما يرد فيها من تنبيهات وتطبيقات ومكالمات خالية من الأهمية، ولا يضيف لهم سوى مزيد من القلق، ولا يُسبب لهم سوى الإزعاج.. أو أنها قد تكون مكالمات أو رسائل مهمة، لكنها ليست عاجلة، فيمكن الرد عليها لاحقا، فما في يد الشخص هو الأهم في ذلك الوقت. وإذا عرف الإنسان ذلك تأكد أن راحته أهم، وطمأنينته تضمن له حياة هانئة مطمئنة.. لكن هذه الحياة تتطلب أن يُركز الإنسان فيما هو بصدده في ذات اللحظة، فإذا نام استغرق في نومه بجوال صامت بلا هزاز، وإذا شرع في العمل فهو يركز في إنجاز مهامه على أكمل وجه بعيدا عن أي إزعاج آخر، وإذا جلس مع عائلته ترك جواله بعيدًا على الصامت واستأنس بالحديث والمشاهدة، حتى إذا ذهب للترفيه شاهد الفيلم في السينما بعيدًا عن الاتصالات التي ليست في وقتها. وليست هذه فقط بل في كل مجالات الحياة الأخرى إذا ركّز فيها الإنسان وعاش جميع لحظاتها «بقوة الآن» سيستمتع ويشعر بحقيقة الحياة. وهذا لا يعني أنه ليست هناك اتصالات مهمة من شخصيات معتبرة أو اتصالات العمل التي تجب العناية بها، ولكن المقصود ليس الترك نهائيا، لكن المقصود ترشيد هذا الصخب الذي أكثره ليس في وقته، واغتنام كل لحظة نعيشها بكل وهج وتركيز واهتمام لنسعد بمتعة الدنيا وجمالها. حكمة المقال: جوالك خلق لراحتك.. فلا تجعله مصدر تعاستك!.