الإعلام وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وجهان لعُملة واحدة، فهما يشتركان في كشف ومحاربة الفساد، ولكن للأسف تم تحجيم دورهما سابقًا؛ حتى استشرى الفساد، وأنهك جسد المجتمع؛ بدليل تعاظم نسبة ما يهدر سنويًا ما بين 5% إلى 15% من ميزانية الدولة. المُراقب عن قُرب يستطيع أن يفرّق بين مرحلتين لهيئة مكافحة الفساد قبل عهد الملك سلمان.. ودورها الحالي، ولهذا الاختلاف سبب محوري!. الهيئة اليوم لم تعد كيانا صوريا لا دور له، ولم تعد مجرد كيان لذر الرماد في وجه المجتمع ووسائل الإعلام، لقد تبدلت الأمور، واختلفت بشكل جوهري، وأعطيت الهيئة ما تحتاجه من صلاحيات بدعم من القيادة السياسية، فرأينا الجدية الواضحة في محاربة واجتثاث الفساد من جذوره، فانطلقت الهيئة تُمارس دورها الذي وجدت من أجله بعد أن كانت مكبلة ومقيدة وبلا سطوة أو سُلطة!!. اليوم نشعر بالمصداقية في محاربة الفساد، لا أحد فوق التنمية كائنا من كان..لأن الفساد أكبر عقبة أمام التنمية؛ فهو هدر مع سبق الإصرار لمكتسبات الوطن، وتلاعب بمستقبله بترصُّد. لن يستطيع أي مسؤول أن يعمل بمفرده دون تهيئة البيئة الملائمة والمساندة كما قال سمو ولي العهد؛ خاصة في مجال مفصلي مثل مكافحة الفساد.. ولم يعد هناك مبرر أمام السُّلطة الرابعة حتى تتقاعس عن أداء واجبها - كما كنا نرى سابقا - حيث رجال الصحافة والإعلام والمواطن بوجه عام كانوا يخافون من (التحويم) حول قضايا الفساد، رغم تعثر المشاريع وحالة الكساد. في عهد الملك سلمان وسمو ولي العهد رأينا حقًا كيف تقوم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بواجبها في تطبيق النظام على الجميع دون محاباة أو محسوبية، ودون تهاون مع مسؤول كبير هنا أو هناك. لقد بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في ثلاث السنوات الماضية؛ وذلك بدعم مباشر من القيادة الرشيدة، وجاءت المملكة الأولى عربيًا وال 21 عالميًا، وفق تقرير السعادة العالمي لعام 2021، بعد أن «قاس المؤشر جهود واهتمام القيادة بتطوير كافة القطاعات، وأبرزها التي تُعنى بمكافحة الفساد بكافة أشكاله ومستوياته». مع كل إنجاز لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد تأتي إشادة ب:«تعاون وسائل الإعلام على ما ينشر في سبيل حماية النزاهة، وتحقيق مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد»، وهذه الإشادة هي شهادة واعتراف من الهيئة بدور وسائل الإعلام في محاربة الفساد، ومكمل لتوجيه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للإعلاميين عندما قال مع انطلاقة رؤية المملكة 2030: «الإعلام جزء مهم من تقييم أداء الحكومة في تحقيق هذه الرؤية، من خلال تقييم الوزارات وأعمال الوزراء والإدارات الحكومية وكل الجهات المسؤولة، وأكَّد سموه أن الإعلام جزء مهم جدًا في تحقيق الرؤية، والتأكد من أن الجميع يسير بشكل صحيح لتحقيق الأهداف المرجوة». وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رفع سقف الطموح في المجتمع.. ورفع سقف حرية النقد عند رجال الصحافة والإعلام بعد أن أشار إلى أن «نسبة 80% من الوزراء في عام 2015 لا أعيّنهم في أصغر شركة بصندوق الاستثمارات العامة»، وهذا مؤشر جيد من سموه على رفع سقف حرية الطرح والنقد. وقد وجدت في حديث سموه في اللقاء مع الإعلامي عبدالله المديفر يوم الثلاثاء 16 رمضان إجابة لأسئلتي التي طرحتها بتاريخ 9-3-2020م عبر تغريدة بحسابي في تويتر: «في بعض الوزارات تم تغيير أكثر من وزير، ولا زال الأداء غير مرضٍ، والعمل لم يتطور في الوزارة! وتساءلت وقتها هل المشكلة في الوزير؟ أم في الوزارة؟ ولماذا أغلب الوزراء يأتون من خارج وزاراتهم، هل هو ضعف في أداء الوكلاء مثلًا؟ هل عجزت الوزارات أن تنجب وزراء من أبنائها؟ وما هي أهمية عمل الوكلاء في الوزارات؟». ختاما أتمنى من رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد حماية المبلغين والإعلاميين؛ ليؤدوا دورهم طالما هم شركاء في نظر الهيئة، ورد اعتبار الذين تضرروا سابقًا بسبب محاربتهم للفساد، وكشفهم لمواضعه، وآمل أيضًا تفعيل قرار حماية المبلغين وأخذه بعين الاعتبار، فكما أن جرائم الفساد لا تسقط بالتقادم، أتمنى ألا تسقط قضايا المُبلغين ورد الاعتبار لهم حتى يكون ذلك دافعا لهم لممارسة دور السلطة الرابعة وفق توجيه سمو ولي العهد في المؤتمر الصحفي عند انطلاق الرؤية المباركة.