تواصل المملكة مواجهة الفساد، مدركة خطورته على برامج التنمية في المجالات كافة، لتدخل جهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد مراحل تؤكد من خلالها "لا حصانة لفاسد" مهما كان المنصب أو المكانة، وذلك من خلال الاستمرار في كشف رتب ومراتب المتورطين في القضايا والجهات التي يعملون فيها، مشددة على أن التقادم أو التقاعد بعد الانتهاء من الوظيفة لا يعفي من الملاحقة القانونية، وأنها ماضية في تطبيق ما يقضى النظام بحق المتجاوزين من دون تهاون، للحفاظ على مقدرات الوطن ومواصلة التنمية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. جهود المملكة تعزز النزاهة والشفافية بتحقيق مراتب عليا بمؤشرات مدركات الفساد وحول ذلك قال الأكاديمي القانوني وعضو مجلس الشورى السابق د. فهد بن حمود العنزي ل "الرياض": إن إنجازات هيئة الرقابة ومكافحة الفساد كبيرة واستثنائية في محاربة الفساد، وهي تستند في هذه الجهود والإنجازات ما تحظى به من دعم القيادة الرشيدة سواء بتوجيهات مباشرة من لدن خادم الحرمين الشريفين أو بمتابعة شخصية من لدن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، فسمو ولي العهد وعد فأوفى حينما قال كلمته الشهيرة ب"إنه لن ينجو من وقع في جريمة الفساد كائناً من كان"، وهذا بلا شك عزز من جهود الهيئة، وأدرك المواطنون والمقيمون جدية محاربة الفساد والقضاء عليه، وكذلك جعل كل من وقع في جريمة فساد محلاً للمساءلة القانونية عن جريمته التي وقع فيها من دون وجود أية حصانة لأحد، فمن وقع في جريمة فساد سيخضع للمساءلة، وسيسترد ما تحصل عليه من جريمة الفساد بغض النظر عن منصبه أو مكانته فلا حصانة لفاسد. وتابع د. العنزي: عايشنا وشاهدنا بأنفسنا أسماء كبيرة وأشخاصاً من ذوي المناصب العليا وبمختلف القطاعات خضعوا للمساءلة في شبهات جرائم فساد، فلم تكن هناك أية حدود أو قيود لهذه المساءلة، وكان كل ذلك يتم بمنتهى الشفافية، وقد تم إخضاع هؤلاء للمساءلة من خلال أدوات نظامية عليا، مما جعل المواطن يدرك جدية الدولة في محاربة الفساد والقضاء عليه، ويدرك كذلك أهمية محاربة الفساد، وأهمية خلق بيئة اقتصادية تنافسية نظيفة، وخلق وعي عام بجرائم الفساد وخطورتها على التنمية وعلى الفرد والمجتمع، وقد أدى كذلك إلى ردع كل من تسول له نفسه بالاعتداء على المال العام أو استغلال النفوذ والتربح من الوظيفة العامة. الجرم لا يسقط بالتقادم وأضاف الأكاديمي القانوني: من الملاحظ كذلك عدم الأخذ بالتقادم المسقط لجريمة الفساد، فهي جريمة لا تسقط بالتقادم شأنها شأن الجريمة الإرهابية التي لا تسقط كذلك بالتقادم، وهذا يدل على خطورة جريمة الفساد ومساواتها من حيث الأحكام القانونية للتقادم بالجريمة الإرهابية، وهذا يؤكد على حرص القيادة على عدم إتاحة أي مخرج قانوني ينفذ من خلاله من وقع في جريمة فساد من المساءلة فهو لن ينجو من المساءلة مصداقاً لما ذكر سمو ولي العهد. وذكر أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تعمل وفق إجراءات نظامية وصلاحيات مكنتها بالفعل من العمل بكفاءة عالية جداً، واستطاعت بما تملكه من إمكانات ودعم كبير من سمو ولي العهد، والذي وصف منسوبيها بأنهم فرسان هذه المعركة الشرسة ضد الفساد، وأن تحقق إنجازات كبيرة جعلت كل فاسد ينتظر دوره ليكون هو التالي، وهو من ستُحكم الهيئة قبضتها عليه في مقبل الأيام، فقد تكللت جهود الهيئة في كشف العديد من جرائم الفساد في عدة قطاعات، وقدمت لنا من خلال القضايا المتنوعة التي أعلنت عنها مدى إدراكها العميق لمفهوم جرائم الفساد ومعرفتها بأنواعها، فهي لم تغفل عن أي فعل يتضمن مفهوماً معيناً لجريمة الفساد سواء فيما يتعلق باستغلال النفوذ أو الاعتداء على المال العام أو الرشوة والتربح من الوظيفة العامة، مبيناً أن هذا في الحقيقة دليل كبير على مدى إدراك الهيئة لدورها وما المطلوب منها، ودليل كذلك على كفاءة منسوبيها وإدراكهم لمهامهم المطلوبة منهم، ودليل على تكامل عمل الهيئة مع الجهات الحكومية الأخرى والمواطنين كذلك. جهود مقدرة لوسائل الإعلام وأكد د. العنزي على أن جهود وسائل الإعلام المقدرة من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في سبيل حماية النزاهة وتحقيق الشفافية، فالإعلام شريك رئيس في محاربة الفساد سواء فيما يتعلق بكشف جرائم الفساد وتغطيتها إعلامياً، ليدرك المجتمع خطورة هذه الجريمة، أو من خلال إبراز الجهود التي تتم لمحاربة الفساد والقضاء عليه، لاسيما ما تقوم به الهيئة من مجهودات في هذا المجال، مشيراً إلى أن الإعلام مناط به كذلك خلق وعي عام بخطورة هذه الجرائم، وتسليط الضوء على الممارسات التي تعد من قبيل جرائم فساد، والتي قد يقوم بها بعض أفراد المجتمع ظناً منهم أنها لا تقع ضمن المحاذير النظامية المتعلقة بجرائم الفساد، أو أنها لا تقع ضمن الأفعال التي تشكل دافعاً أو محرضاً لجريمة فساد، أو حتى تتشكل منها جريمة فساد. وختاماً، بين الأكاديمي القانوني وعضو مجلس الشورى السابق أن ثقة القيادة والمواطنين بأجهزة الدولة وما تقوم به أو ما توجه به لمحاربة الفساد هو من قبيل رفع سقف الثقة والمصداقية بهذه الأجهزة، وخلق بيئة عمل تتسم بالنزاهة والشفافية، لتكون هذه الأجهزة قادرة على أداء أدوارها المنوطة بها، ولتكون كذلك في مرتبة ومكانة تليق باسم المملكة، وليتم تسييج وتحصين هذه الأجهزة وحمايتها من الفاسدين، وهذا ما تم بالفعل، ونتيجة لتعزيز الثقة في هذه الأجهزة فقد ارتفعت مؤشرات النزاهة والشفافية بهذه الأجهزة إلى أرقام متقدمة، وأصبحنا ننافس بها دولياً، فقد تقدمت المملكة في مؤشر مدركات الفساد "7" مراتب دفعة واحدة في العام 2019م مقارنة بنسبة العام 2018.