قرأت قبل أيام خبرا يشير إلى أن برنامج "واي فاي" الذي يعرض على قناة MBC1 يحتل المركز الأول من حيث المشاهدة في مجموعة البرامج والمسلسلات التي تقوم بعرضها مجموعة MBC. وإن صدق هذا الخبر فنحن أمام ثلاثة أشياء لا رابع لها: الأول إما أن يكون مستوى الذائقة الفنية لدينا في انحدار مع كل الأسف، وإما أن يكون وقت المسلسل هو السبب الحقيقي في هذه المشاهدات، وهذا المركز المتقدم، وإما أن يكون هذا الخبر مكذوبا أصلا. ورغم المطالبات المتعددة من قبل كثير من الناس بأن ينهي أبطال مسلسل "طاش ما طاش" تكرارهم لأنفسهم في المسلسل، إلا أن غيابه هذا العام ولّد لدينا خيبة كبيرة، فمن الصعب جدا أن نستبدل مسلسلا مثل "طاش" الذي كبرنا معه، ببرنامج مثل "واي فاي" الذي يخجلنا من أنفسنا أحيانا، فأنت حين تتابعه تشعر بأنك تأكل لحما نيئا. هذا البرنامج يقدم لنا سخافة لا مثيل لها، والشيء الأهم أنه لم يأت بجديد، فهو عبارة عن استنساخ لمسلسل "قرقيعان" الذي كان يقدمه الممثل داؤود حسين، وأعتقد أن تأثير هذا الممثل أثّر حتى على مخرج البرنامج، وكتّابه، والمشرفين عليه، ليعيد له فكرة "قرقيعان" بطريقة أخرى، حتى في فقرة الأغاني الفكاهية التي يبدع الممثلون من خلالها في إظهار سخفهم أحيانا. صحيح أن هذا المسلسل قدم لنا أسعد الزهراني، وحبيب الحبيب كموهوبين، لكن الكوميديا ليس أن تضحكني فقط لمجرد أن أضحك، فأغلب حلقات المسلسل لم تكن هادفة بالمعنى الحقيقي للكوميديا الهادفة، إنما كانت عبارة عن إضحاك لمجرد الإضحاك، هذا الذي أوصلهم في أحايين كثيرة إلى البلاهة التي لا طائل من ورائها. لا أدري ما الجديد الذي كان يطمح أن يقدمه المخرج من هذا البرنامج، وهل الممثل العربي لم يصل للمرحلة التي يستطيع من خلالها أن يقيّم المسلسل قبل أن يمثّل فيه؟ أم إن حمى المسلسلات الرمضانية وهوس الحضور في رمضان جعل من الممثلين والمخرجين لا يدركون قيمة التقييم قبل بدء أي عمل، وكأن الأهم هو الحضور وليس الجودة؟ المشاهد العربي لا يحتاج إلى أن نمثّل له بطريقة ضعيفة خالية من الأهداف، فهو يحتاج إلى من يحاول أن يسخر من واقعه، ويوجد له الحلول، وليس السخرية من الماضي فقط. أعتقد أن الممثل الناجح الذي يقدّر موهبته، ويقدّر فنه، لن يتعامل مع الفن على أنه وسيلة لإضحاك الناس دون فائدة، ولن يبقى "يتنطط" أمام الكاميرا ليثبت للناس أنه قدّم شيئا جديدا، الممثل الناجح هو من يدرس العمل جيدا قبل أن يمثّل فيه.