شاهدت قبل مدة سلسلة أفلام «جون ويك» والمكونة من ثلاثة أفلام. الأول صدر عام 2014 والثاني عام 2017 والثالث عام 2019 وهي سلسلة أفلام تحكي كلها عن قصة المجرم عتيد الإجرام «جون ويك»، والذي يترك عالم الجريمة ليعيش حياته وحيدا بعد وفاة زوجته. لكن عصابة من المجرمين تحاول سرقة سيارته، فينطلق في رحلة انتقام بلا هوادة من مجتمع الجريمة بالكامل. لا أنكر أن السلسلة شيقة للغاية، وعلى الرغم من الدموية الشديدة في بعض مشاهدها، لكن الأفلام الثلاثة قادرة على حبس أنفاس المشاهد إلى أقصى حد. لكن مع مشاهدتي السلسلة بتدقيق بدأت أرى الطريقة التي تتلاعب بها هوليوود بعقول شبابنا. الذين يتهافتون على شباك التذاكر لمشاهدة الأفلام الأمريكية في توقيت صدورها في بلادها. أو حتى من خلال المشاهدة عبر الإنترنت من خلال تطبيقات المشاهدة أو حتى التحميل غير المشروع. لكن هذه السلسلة- وما على شاكلتها من أعمال- تلعب في عقول شبابنا. بداية من زرع فكرة أن العنف هو الطريقة الوحيدة للحصول على الحقوق وتحقيق العدالة. كما تزرع سلسلة (جون ويك) فكرة أن المجتمع بالكامل يعمل في إطار الجريمة المنظمة. ففي الفيلم نجد أن الجميع يدينون بالولاء للعصابات بداية من العامل البسيط في الفندق وحتى رجال الشرطة. هذه المشاهد تشكك الشباب في مجتمعهم وتزرع داخلهم شعورا بالشك تجاه هذاالمجتمع ومدى نزاهة أفراده. ولا تتوقف مشاهد التواطؤ هنا فحسب. بل إن الرشوة تلعب دوراً كبيراً في تمرير كل ما يسعى (جون ويك) لتحقيقه، بحيث يشعر الشاب أحيانا بأن الرشوة هي السلوك التقليدي والمتعارف عليه لإنجاز الأمور! . وبما أن العنف هو الحل، تتفنن السلسلة في إبراز مشاهد القتل بأغرب الطرق وأعقد الوسائل. وأخشى ما أخشاه أن تتسرب هذه المشاهد لحياتنا اليومية ونبدأ في مشاهدة جرائم يتجرأ فيها بعض الشباب على القيام بأفعال كتلك التي شاهدها في هذه السلسلة أو ما يشبهها من أعمال. وأخيرا تزرع هذه الأفلام فكرة الحل الفردي. فها هو (ويك) يواجه العصابة وحده دون مساعدة. بعيدا عن فكرة العمل في فريق وضمن إطار من التعاون مع الآخرين. لا أستطيع أن أطلب من شبابنا التوقف عن مشاهدة هذه الأفلام، لكن أهمس في أذنهم أن يضعوا هذه الأعمال في نصابها الطبيعي، وتفهم فكرة أن هذه الأعمال صُنعت للتسلية، بعيدا عن تغيير أفكار مشاهديها أو زراعة أفكار مختلفة فيها،بكل ما تحمله من آثار سلبية.