مشاعرُ القلب التي تختلط في حبِّ الوطن وترابه وطينته لا تختلف عن مشاعر أبٍ لولده وأمٍّ لابنها، وحين يستعيد القلب في ذاكرته اختلاف المشاعر واختلاف الرغبات، وأيهما يقدُّم الوطنَ أو رغباتِه، فمن الناس من يقدِّم الوطن ومصلحته، ومنهم من يقدم شهواته ورغباته، حينها يظهر معدن الوطني ممن ضعف فيه جانب الوطنية أو اختلط. قد يكون هناك نقص أو خلل أو ضعف في الخدمات والواجبات والحقوق التي تقدم للمواطن، فإن ذلك لا يدعو لخيانة الوطن أو الكفر به أو التجييش ضده في الداخل أو الخارج، فالنقص والخلل والضعف يعتري دول العالم وأنظمته كلها بلا استثناء، لا يعني ذلك تبرير الفساد بأي وجه من الوجوه أو حال من الأحوال، لكنها محاولة لتقديم مصلحة الوطن على مشاعر القلب حين تختلف أو تتعارض. إنَّ على الشباب الوطني اليوم أن لا يغترَّ بدعواتِ الإصلاح المزعومة والمدعومة خارجياً -وذلك في وسائل التواصل والإعلام وغيرها- التي تضلَّل الشباب وتدعوه للعنف وإفساد مقدَّرات الوطن، والوقيعة بين رموزه وقادته وبين أهله. بل عليهم عدم الالتفات للتضليل والإرجاف، ويحسُن بهم أن ينضموا لرؤية الوطن الإصلاحية التي بدأت وستستمر، وأن يشاركوا بكل فعالية وعشق وحب، في مؤسسات المجتمع المدني بكلِّ إيجابية، ويحاولوا بالعمل التطوعي وغيره وبالنقد البنَّاء، أن يكونوا لبنةً صالحةً في وطنٍ قويٍّ مِعطاء، وأن يكون شعارُهم الوطنُ أولاً والقلبُ ثانياً.