حذّر أمير منطقة القصيم فيصل بن مشعل من المرجفين، واعتبرهم من أبرز مهددات الأمن الوطني والسلم الاجتماعي لما يتصفون به من ثقافة الإحباط والأكاذيب وتغيير الحقائق وإدمان الانتقاد، مؤكداً أن انجراف العامة خلف المرجفين أمر خطر على العقيدة والأمن الوطني. وقال في كلمة ألقاها خلال رعايته أمس ندوة «الإرجاف، المفهوم الشرعي والأثر الاجتماعي»، التي نظمتها إمارة منطقة القصيم بالتعاون مع نادي القصيم الأدبي: «إن وطننا يختلف عن سائر الأوطان في طُهر أرضه ونقاء أهله وسماحة مجتمعه ووفاء قيادته وتلاحم شعبه على مر التاريخ خلف القيادة، مسجلين أجمل السِير في الأمن والاستقرار، وهذا من فطرتهم السليمة التي جعلت التعايش قيمة سامية تغلق أي ثغرة لاختراق أمننا الفكري والاجتماعي والثقافي والوطني». وأضاف: «إن قضايا التطرف وما ينتج من إرهاب وإجرام بحق الأنفس والمجتمعات والأوطان، جديرة بأن يتم بحثها بصورة شاملة في كل مصطلحاته حتى تغلق الثغرات وأبواب الشر التي تعصف بالمنطقة، وأن نسير وفق المنهج النبوي الكريم في التعامل مع تحديات الدولة التي بقيت طوال قرون هداية للبشرية، وكان لنا شرف حمل تلك الأمانة، لتبقى بلادنا منارة للدين القويم ونموذجاً للإنسانية والتسامح وفطنة المسلم وفراسته». وشدد أمير منطقة القصيم على أهمية إقامة مثل هذه الندوة للانطلاق لكل ما فيه خير لبلادنا ومجتمعنا والعمل على حمايته من أي مهددات ومخاطر بنهج علمي متطور، منعاً لمساعي المضللين لإحداث الفتنة والاضطرابات وتعطيلاً لكل شر يدبره المرجفون، وخصوصاً في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي قام الأعداء والسفهاء بتجييش واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتفكيك مجتمعاتنا وتشكيك المسلمين والمواطنين في معتقداتهم وقياداتهم وتكريس إدمان الانتقاد بما يحقق مآربهم الخبيثة التي تصب في تنفيذ خططهم بالحرب المعلوماتية المؤثرة. من جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم، في كلمة ألقاها، أن الندوة بدأت كفكرة من أمير منطقة القصيم، وعكف النادي مع بعض منسوبي الإمارة على تحويل هذه الفكرة إلى عمل مُنجز، لتعزيز الوعي والمعرفة، مؤكداً أن نادي القصيم الأدبي ينظر إلى هذه الندوة بوصفها نشاطاً يدشن مرحلة من التعاون والشراكة المثمرة بين الإمارة والنادي الأدبي، كاشفاً أنه سيتلو هذه الندوة ندوات أخرى في المستقبل. بدوره، أوضح المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، خلال مشاركته بالندوة، أن الإرجاف حرام، بل كبيرة من كبائر الذنوب، لما ينشره من روح الهزيمة والانهزامية واليأس بين المجتمع وإيذاء العامة، مستعرضاً صفات المرجفين، وبخاصة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأكاذيب والفوضى، متهماً متابعيهم بالسذج والمساكين. فيما بين عضو الإفتاء بالقصيم الدكتور عبدالله الطيار أن مفهوم الإرجاف الشرعي في اللغة الاضطراب، وهو من ملاقيح الفتن، من خلال بث ونشر الأخبار المثبطة والمحبطة لزعزعة المجتمع ، مشيراً إلى أن الإرجاف كبيرة من كبائر الذنوب لما فيه أذية للمسلمين. بدوره أفاد رئيس المحكمة العامة ببريدة الشيخ إبراهيم الحسني بأن الإشاعات تستهدف الكيانات السياسية بالمقام الأول، وذلك لبث الفرقة لتعم الفوضى وإثارة البلبلة، وهدف المرجفون منها النخر في لحمة الأمة، والتأثير على وحدة المجتمع وتلاحمه. أما إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي فأكد أهمية أن تكون الوقاية الثقافية لدى الناس مرتفعة، لأن الجميع مؤتمن على الوطن ولا نكون معول هدم للأمة، لافتاً إلى أن ليس كل من رفع راية الإصلاح صادق، منتقداً المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال حديثهم عن أشياء لا يفقهون بها. وتحدث عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير سلطان الدكتور عبدالرحمن اللويحق، عن الحاجة إلى التمسك بالحق، وعدم الالتفات والانسياق لما يشاع من المرجفين. وخصصت الجلسة الثانية للندوة للحديث عن الأثر الاجتماعي للإرجاف، وشارك فيها عدد من الباحثين. «الندوة» تطالب «التعليم» بمنهج ل«الثقافة الإعلامية» دعا المستشار الإعلامي سعود المصيبيح خلال الجلسة الثانية، إلى أخذ الأخبار من مصادرها الرسمية، والاعتماد على رأي المسؤول الأول أو المتحدث الرسمي للدوائر الحكومية، موجهاً انتقاده إلى بعض المتحدثين باسم الدوائر الحكومية غير المدربين، «الذين لا يواجهون «الإرجاف» و«الإشاعات» في وقتها، أو الذين لا يكون ردهم شافياً كما ينبغي». واقترح المصيبيح على وزارة التعليم إعداد مادة باسم «الثقافة الإعلامية» لتدريب طلاب المراحل الدراسية، عن كيفية التعامل والتفاعل مع الأخبار والتغريدات ومقاطع «اليوتيوب» و»الوتسآب» وغيرها، وعدم تركهم يخوضون في البحر المتلاطم من المعلومات، وتأهيل وتدريب معلمين لهذا الغرض. من جانبه، تطرق الباحث الاجتماعي سعد المشوح، إلى أن الدراسات العلمية حاولت فهم المكونات الحقيقية ل«الإرجاف»، وخلصت إلى أن المكون الذهني يأتي أولاً، وهو ما يتعامل معه المرجفون، لكونه يتناول القضايا الفكرية، ومن خلاله يختارون التوقيت والشخص والزمان للتأثير عليه، ويأتي بعده المكون السلوكي، وهو «الأخطر». وأكد المشوح وجود آثار نفسية للإرجاف تؤثر على مستوى الثقافات والشعوب تأثيراً شديداً، ومنتقداً ضعف الدراسات الإسلامية تجاه مفهوم الإرجاف وأنها موجودة على استحياء، مبيناً أنه يسلك طرقاً أخرى عبر العنصرية وإثارة العدوان والعنف الرمزي وقضية الانتماء للوطن، إضافة إلى ما سماه «أزمة الهوية والاغتراب»، التي يعيشها كثير من شبان المجتمع السعودي في فهمهم للحقائق. وركّز على دور المؤسسات التعليمية (الدنيا منها والعليا)، لتغيير هذه المفاهيم والآثار، ولإعادة إنتاج أبناء بصورة قادرة على مواجهة «الإرجاف» لأن المؤسسات هي المحك الحقيقي في هذا الجانب، بحسبه. روافده.. الترهيب والتخويف والتشويش والتشكيك أوضح رئيس المحكمة العامة في بريدة إبراهيم الحسني، أن كثرة الافتراءات والإشاعات هذه الأيام تستهدف الكيانات السياسية وأنظمة الحكم والعلاقات بين الدول، وكذلك تستهدف الشخصيات والرموز من الولاة والعلماء والدعاة، وكذلك أصحاب القرار في الحكومات من الوزراء ونحوهم، بهدف بث الفرقة وإثارة المجتمع، وبغاية أن تعم الفوضى. وبيّن الحسني أن أسلوب «الإرجاف» يعتمد على أربعة محاور، هي الترهيب والتخويف والتشويش والتشكيك، مما ينتج حرباً نفسية قد تنتج عنها حروب فعلية مستقبلاً، أو حروب باردة أو توجس، «ولا يستفيد من هذا الإرجاف إلا الخوارج». وكشف أن من علاج الإرجاف وجوب التثبت والتبين وقت الفتنة، وعدّ تعليق الفرد على كل خبر بأنه ليس من المصلحة، «بخاصة أن هناك أشخاص ابتلي بهم المجتمع، ولا همّ لهم إلا البحث عن الأخطاء وتصيدها صحيحها وسقيمها ونشرها من دون تروٍّ أو درس للعواقب»، داعياً إلى ترك الخوض في الأمور الكبار لأهل العلم، وعدم طرقها على مسامع العامة والرعاع. وأوصى الحسني في نهاية ورقته بأن يبادر رجال الأمن والضبط الجنائي والفكر إلى تفعيل وتطبيق نظام الجرائم المعلوماتية ونظام المطبوعات والنشر في كل ما له علاقة أو مساس بالذات الإلهية أو سب العقيدة أو الإسلام، أو ما يمس الحياة العامة أو الرموز الاعتبارية. إلى ذلك، قال عضو الإفتاء في منطقة القصيم عبدالله الطيار، في ورقته التي قدمها: «إن طرح موضوع الإرجاف في هذا التوقيت مهم جداً»، لافتاً إلى «الفرق بين الإرجاف والشائعات». وأضاف: «الإشاعة عامة، وتنقل الأخبار الحسنة والسيئة، وأما «الإرجاف» فهو خاص بنقل الأخبار السيئة فقط، وهو خاص بالشر». واستطرد: «كما أن للحروب أسلحة ومعدات ف«الإرجاف» يشبهها تماماً، وأسلحته هي: مُصدر الإشاعات وهم الأعداء، وناقلو «الإرجاف» وهم «الدهماء» الذين يتبعون كل «ناعق»، وهم أنفسهم مروجو الفتن والإشاعات والاضطرابات، وآخرهم متلقو الإرجاف وهم العامة والجماهير». وتطرق إلى أن من صور الإرجاف في الوقت الحاضر ما يجري في مواقع التواصل الاجتماعي من نشر القصص غير الصحيحة واختلاق الأكاذيب.