حددت منظمة السياحة العالمية، يوم السياحة العالمي للعام 2021، يومًا للتركيز على السياحة من أجل النمو الشامل، والذي تستهدف به العمل على تحقيق بُعد تنموي فعلي وحقيقي، ناجم عن الاستثمار في السياحة ونشاطاتها التابعة، بعيدًا عن الإحصاءات والأرقام المضللة أحيانًا، للدفع نحو استثمار تنموي يهتم، بالاعتراف بوجود شخص وراء كل رقم، وتنمية مستدامة خلف كل نشاط سياحي، حتى لا تكون الأرقام مفرغة من قيمتها المستهدفة. وقد دعت المنظمة جميع الدول الأعضاء، وغير الأعضاء، ووكالات الأممالمتحدة الشقيقة والشركات والأفراد للاحتفال بالقدرة الفريدة للسياحة، على ضمان عدم تخلف أحد عن الركب، وليعاود العالم انفتاحه وحركته السياحية، بعد ما أصابه من ركود اجتماعي واقتصادي من تأثير جائحة كورونا، والذي تضررت بتأثيره جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. يحتفل العالم في 27 سبتمبر من كل عام بيوم السياحة العالمي، لتعزيز الوعي في المجتمع الدولي، بأهمية السياحة وعمق تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بين المجتمعات والشعوب، وإذ تُعد منظمة السياحة العالمية، هي المعني الأول، بتنشيط السياحة المستدامة والمسؤولة، وهي المرشدة لذلك القطاع الحيوي، بهدف الاستثمار التنموي فيه لتحقيق النمو الشامل والمستدام. ولأهمية مردود السياحة التنموي وشموليته، فإنها تُعد ركيزة أساسية في تحقيق معظم أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما في الهدف الأول المعني ب«القضاء على الفقر»، بما توفره من وظائف متنوعة، وفي الهدف الخامس في «المساواة بين الجنسين» بإتاحة فرص العمل لهما دون تمييز، والهدف الثامن في «العمل اللائق والنمو الاقتصادي» بما يتولد عنها من فرص عمل لائقة، تنهض بالمجتمعات والأفراد، وبما يلحق ذلك من نمو اقتصادي وانتعاش يشمل مختلف القطاعات، ويسهم في رفد الإنتاج المحلي باقتصادات متنوعة، والهدف العاشر في «الحد من أوجه التفاوت»، بما ينجم عنها من استثمار لمختلف مقدرات الأفراد والمناطق، ينعكس على تنمية متوازنة وشاملة. الاستثمار في السياحة، يُعد وسيلة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين جميع شرائح المجتمع، سواء الذين يقطنون المواقع السياحية المستهدفة، أم أولئك الذين يشاركون في الاستثمار في نشاطاتها ومتطلباتها المختلفة عبر المناطق والدول، علاوة على ما يتولد عنها من تعزيز النمو الاقتصادي المحلي وتحريك التجارة الداخلية، وما يتصل بالسياحة من أعمال ونشاطات مختلفة. كان لتأثير جائحة كورونا، أثر اجتماعي واقتصادي بالغ التأثير، إذ تضررت منه جميع المجتمعات المتقدمة والنامية، وكانت الفئات المهمشة والضعيفة هي الأكثر تضررًا، إذ تعرضت 100-200 مليون وظيفة سياحية مباشرة للخطر؛ بسبب أن الأنشطة السياحية وحدها، قادرة على أن توظف واحدًا من كل عشرة أشخاص على وجه الأرض، بما يعني أن الاستثمار فيها، هو استثمار في مقدرات الأوطان المادية والبشرية والطبيعية. مع الاحتفال بيوم السياحة العالمي، أطلق سمو الأمير محمد بن سلمان «إستراتيجية تطوير منطقة عسير»، التي تُعد من أحد أهم مناطق الجذب السياحي في المملكة، بما تثرى به من طبيعة استثنائية في وسط صحراوي، وبما تزخر بها من تراث ثقافي وحضاري متميز، يجعلها أيقونة وطنية لامعة، وملاذًا صيفيًا لسكان المنطقة الخليجية والعربية المحيطة بها. تستهدف إستراتيجية تطوير منطقة عسير سياحيًا؛ تحقيق نهضة تنموية شاملة وغير مسبوقة للمنطقة، بما تستهدفه رؤية 2030 من تطوير وتمكين لجميع المناطق، ولمناطق الجذب السياحي على وجه الخصوص، وبما نسعى إليه بجهود مختلفة، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الشاملة، إذ إن ضخ 50 مليار ريال للاستثمار السياحي في تطوير «منطقة عسير» بما يشمله ذلك من استثمارات متنوعة، وتمويل لمشروعات حيوية، وما يتعلق بذلك من توفير البنية التحتية وتطوير مناطق الجذب السياحي فيها؛ سيؤهل المنطقة لأن تكون منتجعًا سياحيًا مرموقًا على مستوى العالم، لتنوع طبيعتها وثراء تراثها التاريخي والحضاري، الذي قلما يجتمع في منطقة سياحية واحدة. الاستثمار في السياحة هو استثمار في مقدراتنا الوطنية؛ ينعكس مردوده الإيجابي في معالجة كثير من التحديات التي تواجهنا تنمويًا، سواء ما يتعلق بتوفير مزيد من الوظائف وفرص العمل المختلفة للسكان من المواطنين، أو ما يتصل باستقطاب جميع مخرجات التعليم التي تعاني من ركود في توظيفها، أو جمود في مشاركتها في سوق العمل، إذ إن الاستثمار في الأنشطة السياحية، سينعكس مردوده على جميع القطاعات والشرائح المجتمعية باعتبارها، عاملًا محوريًا ورئيسًا في التنمية، إذ إن زيادة الاستخدام والاستهلاك والاستثمار، في جميع منتجاتنا المحلية، وخدماتنا الوطنية ومخرجاتنا التعليمية، سيعزز من مدخلات إنتاجنا المحلي، ويسهم في تنويع قاعدتنا الاقتصادية، بما تشمله السياحة من مردود متنوع في مكتسباته الدائمة على كافة المستويات الوطنية.