ارتبط أبناؤنا بالأجهزة الذكية ارتبطا وثيقا مع حرص بعض أولياء الأمور على تقنين الاستخدام، إلا أن الجزء الأكبر مغلوبون على أمرهم يستسلمون لإلحاح أبنائهم بسبب انشغالهم مقابل الهدوء والسكينة التي تخيم عليهم أثناء مشاهدة المقاطع المنتشرة في تطبيقات التواصل، والتي لا يتناسب غالباً محتواها مع فئتهم العمرية. الأثار التي يسببها الاستخدام المفرط للأجهزة خطيرة، خصوصاً في هذه المرحلة من النمو، ويتزايد ذلك الأثر عندما يكون الطفل من ذوي الإعاقة أو يعاني من اضطرابات في النمو أو السلوك، لعل حديث الأطباء المختصين أبلغ وأدق في هذه الناحية. لا يقع على الوالدين لوم عند توفير الأجهزة، فهي ضرورية لمواكبة تطورات التعليم وكافة المجالات، ولكن عليهم مسؤولية عظيمة تجاه أبنائهم في غرس المفاهيم والقيم والأخلاق، والتربية على الأسس الدينية والمجتمعية الراسخة التي هي من أنبل واجبات الأبوة والأمومة. فهل يتنازلون بكل سهولة عن هذا الدور لصالح الرسائل التي يلتقطها أطفالهم من هذا التطبيقات؟ يجب المباشرة بالحد من هذا الاستعمال، والشروع في تصحيح المفاهيم الخاطئة التي اكتسبوها، وفرض الرقابة الأبوية لكل الأجهزة، وعند تجاهل ذلك تقع عليهم كامل الملامة. ليس من الصعب جدولة وقت لنشاطات منزلية طبيعية تفرز علاقات إيجابية بين أفرادها، وتنمي سلوك أطفالها بشكل بسيط بهدف التخلص من الإدمان على استخدام مواقع التواصل، كما أن القدوة مهمة، «فلا تنهى عن خلقِ وتأتي مثله». أنا لا أهتم بما يقدمه مشاهير السواد الأعظم من محتويات ورسائل بقدر ما يشغلني أثر تلك المحتويات على أطفالنا ومدى تدخلها في سلوكهم، كما أنه يحز في نفسي كثيرا عندما أشاهد مقاطع فيها اختطاف لبراءة لأطفال، واستغلال ذوي الإعاقة للحصول على إعجاب وتعاطف المتابعين بغرض زيادة المشاهدات، وتحويل طبيعتهم البريئة إلى مشاهد كوميدية للتسلية. إن مجلس شؤون الأسرة اعتمد رؤيا واضحة تواجه مثل هذه المشاكل، ومن أهم الأهداف التي رسمتها لجنة الطفولة هو: «حماية الأطفال من جميع أشكال العنف والإيذاء من خلال تأمين سلامتهم في محيطهم وعلى الإنترنت والفضاء السيبراني» الحماية لا تقتصر على الإيذاء البدني فحسب، إنما تشمل غرس المفاهيم والمعتقدات الخاطئة والمتطرفة واستغلال الطفولة والإعاقة والمتاجرة بها، كما تشمل الإهمال الذي يؤدي إلى الخطر، فهذه مسؤولية جليلة تقرر مستقبل مجتمعنا القادم. إن تجريم مثل هذه الممارسات ضد الأطفال وذوي الإعاقة هو الحل الذي يشفي غليل كل من يدرك الأثر السلبي لهذه التصرفات على شخصيات أبنائنا قادة المستقبل.