منفعلة... من ذوات الدم الساخن المتفجر... سمراء متألقة الثقافة... متوهجة الوعي بما يقال... مؤمنة بالحياة... ظفر منها انفعال وسط تبلدي وكهنوتية مشاعري - كما وصفتني هي -... فسألتني الكتابة تحت مظلة هذا العنوان الشاعري!!. وأمام قضيتي مع القلم عندما أوالفه كان خوفي من الحقيقة... إذ يستحيل الوصول إلى مطلق الحقائق... ولست من الذين أوتوا بسطة في الطرح حتى تكون نتائجي من مقدماتها، فدائي أن نتائجي تراكمية المقدمات جاهزة ينوء بها الزمان. فمن أين أبدأ يا سيدتي الحديث؟ أأعرف الحضارة من ناحية السلوك الإنساني؟ أم من ناحية المنجز المادي؟ وعلمي أن أمثالك ملوا تعريفاتنا، أم ألجأ إلى الأنثروبيولوجي فأكون ظالماً لقوانين الكون والتغيير؟ يمكنني الانطلاق من الأسطورة الكبرى عبر الزمان والمكان، والحرية، وحاجات الإنسان الأمنية النفسية والتعويضية... ما الحضارة السوية؟ أهي مطلق الحرية؟ وإذا كانت كذلك فهات حضارة سوية في ما علمناه من عالمنا؟ أم أنك ترين ما نطلق عليه الحريات الشخصية مطلق الحرية؟ أطلقي منطاداً في الهواء وراقبيه... ما حكمك عن مدى حريته؟ راقبي التفاحة منذ طفولتها حتى استجابتها للجاذبية... ما حكمك عن مدى حريتها... راقبي الطائرة في السماء، والسمكة في الماء... راقبي الشجرة وزهرها وثمارها... ربما نجد أكبر قدر من الحرية لدى بدوي يثاغي غنمة، ويناغي أطفاله، وفلاح يراقب ما كفره من الحب في حقوله. والسنابل التي ليست حرة في إطعام أطفاله. عقلك بمقدار ما هو يؤتي الحضارات فهو كافرها، نظراً إلى طبيعته النازغة إلى التغيير نتيجة للخاصة التي يملكها في الملال من المعلوم. إن الحضارات التي أعدمت العلماء والفلاسفة بآرائهم ليست عرجاء، لكن أهلها لا يلحقون بها إلا بعد أن يسبق السيف العذل... وعلى الذين أعدموا وسيعدمون أن يتحملوا مسؤولية سبق تفكيرهم (ريتم) الحياة المتوالي عددياً، بينما تفكيرهم يتوالى نووياً وهندسياً، وربما ما ورائيا. ذلك يا سيدتي لأنني أبصر حضارة أهل الكهف وحضارة (ناسا) حضارة واحدة كيفما ورد عنها الشكل والتعبير. تأكّدت أن هناك بقايا كادحين في الفكر والفن والأدب وإمكانية الوصول إلى الطرح. ولتتأكدي فعليك متابعة تلك الصفحات الغالية علينا باسطة ذارعيها وصدرها الخصب لعناوين براقة تقنع القائمين عليها بقيمة المضمون، ثم تفاجأ بأن المضمون تسخير للمنطق المجرد والتركيب الكيميائي للمادة وقواها الفيزيائية في الجانب اللغوي. ولتتأكدي أن هناك خللاً فنياً، انظري إلى إمكانات نقادنا التي لم تظهر، وعادليها بكتابات هؤلاء أماكن أخرى ممن اعتقدوا إبهارنا بما يكتبونه من نظريات ألسنية وتفكيكية ليست هدفاً في ذاتها، وسبق لنا علمها ببساطة أشد من معادلات (السامع والوسيط والمستمع وما بينهما فزيولوجياً أو حتى ميتا فيزيقيا). كل تلك الصفحات ذوات القيمة اختصرها أوائلنا في أن اللغة حاجة تعبيرية، فاستخدم الإنسان الرموز المعبرة المؤثرة صوتياً وحركياً باللغة أو الموسيقى أو الرقص أو العمارة أو التشكيل... إلخ.