عذرًا أبناء الشهداء، عذرًا أبناء الوطن المخلصين، عذرًا لكل المبدعين والمجتهدين، فدماء الشهداء التي اختلطت بتراب الوطن، وتضحيات أبنائه المخلصين ليست غالية علينا. من المؤسف أن تُزيَّف الحقائق وتُجمَّلَ القبائح، ليتلقى هذا البعض بشيء من الفخر والاعتزاز، ويظهر هذا جليًّا في إبراز شخصية عُرفت بالإجرام والقتل، وإظهاره بمظهر البطل الذي لا يُهزم. «رشاش» جمع ما بين خيانة الوطن والسرقة والقتل، وبيع المخدرات، وإرهاب الآمنين، ومقاومة رجال الأمن، ومخالفة ولي الأمر، وامتهن كل ما هو ممنوع ومحرم. وإظهاره كشخصية مميزة، لها من الصفات ما ليس لغيرها من أبناء الوطن المخلصين، لهو عمل انهزامي، وتظهر خطورته في تمجيد المراهقين له، وجعله قدوة. ولا غرابة أن يُعجب البعض بشخصية الطاغية، ويدافعون عنه، فالفرد يُعد منفعلا وفاعلا في الوقت نفسه، فهو متأثرٌ بظروفه الحياتية، ومستجيبٌ لمثيراته الخارجية. فعندما يعيش الإنسان حالة من الضعف، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، فإنه يكون في حالة رضوخ، وبالتالي تتشكل لديه صورة سلبية عن ذاته، ويشعر بالنقص والدونية، وللهروب من هذه الحالة يبحث عن طرق للدفاع عن نفسه، ورفع مستوى التقدير الذاتي المنخفض لديه، ومن هذه الطرق ما يُسمى في علم النفس «التماهي بالمعتدي». هذا يُفسر لنا إعجاب البعض بالطغاة، لأنه يعطي الفرد شيئًا من وهم الاعتبار الذاتي، فهو يحاول الخروج من وضعه السيئ بتمجيد الطاغية، ومحاولة تقمص دور القوة داخله. كم من أسرة يُتِّمت بسبب «رشاش»؟ وكم من أموال سُرِقت؟ وكم من نفسٍ أُزهقت؟ وهل إخافة الناس وإرهابهم وسرقتهم وقتلهم عمل بطولي؟!. للقائمين على العمل: هل هذا العمل بحثٌ عن شخصيةٍ ذات بطولة أم أنه تحسين لصورة مجرم؟. ألا يوجد من تميز بالبطولة من أبناء الوطن؟ أين مَن سخَّروا حياتهم لخدمة هذا الوطن؟ أين من ضحوا بحياتهم دفاعًا عنه؟ أين من عملوا ليلَ نهار خدمة وتفانيًا للوطن وأهله؟!. أبناء الوطن الأبطال في شتى المجالات كُثر أم أن ما قدَّموه لا يوازي ما قام به «رشاش» ورفاقه!.