منع مئات من مناصري الرئيس سعيّد مؤيدي حزب النهضة من الاقتراب من زعيمهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي ظل داخل سيارة أمام البرلمان وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة والعبوات، وفق ما أفاد صحفيون اليوم. وغادر الغنوشي من أمام مقر البرلمان ويسود الآن هدوء حذر محيط المبنى. وقام الغنوشي باعتصام لساعات أمام البرلمان ودعا أنصار حزبه إلى التعبئة. وقال "الشعب التونسي لن يقبل الحكم الفردي مجددا... ندعو كل القوى السياسية والمدنية والفكرية إلى أن يقفوا مع شعبهم للدفاع عن الحرية... ما دامت الحرية مهددة فلا قيمة للحياة". وأقال الرئيس التونسي قيس سعيّد الاثنين كلا من وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان غداة قراره تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه. وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أن سعيّد "أصدر أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان". واثر احتجاجات في عدد من مناطق البلاد الأحد، أعلن سعيّد في وقت سابق "تجميد" أعمال مجلس النوّاب لمدة 30 يوماً، في قرار قال إنه كان يُفترض أن يتخذه "منذ أشهر". كما أعلن سعيّد عقب اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيّين، أنه سيتولّى بنفسه السلطة التنفيذية "بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويُعيّنه رئيس الجمهوريّة". إضعاف الديموقراطية وتسبب تجاذب مستمرّ منذ ستة أشهر بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم أكبر الأحزاب تمثيلاً في المجلس، بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع يوليو ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا. وسجلت البلاد حوالى 18 ألف وفاة من أصل 12 مليون نسمة، في أحد أسوأ معدّلات الوفيات جراء كوفيد في العالم. وأقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الأسبوع الفائت وزير الصحة فوزي المهدي اثر ارتفاع كبير في حالات الوفيات والمرض بسبب الفيروس. ويرى مراقبون أن من شأن هذه التطورات السياسية أن تضعف من الديموقراطية الناشئة في تونس والتي تأتي اثر ستة أشهر من الصراعات والخلافات الحادة بين سعيّد والغنوشي بينما تمر البلاد بوضع صحيّ متأزم. وندد كل من حزب "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" بقرار سعيّد. ورفض حزب "التيار الديموقراطي" الذي دعم سعيّد سابقا في مواقف عدة، توليه كل السلطات. لكن الحزب حمل في بيان الاثنين "مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة هشام المشيشي". من جهته، ساند حزب "حركة الشعب" قرارات الرئيس في بيان الاثنين واعتبرها "تصحيحا لمسار الثورة".