بعد مضي سنة وشهرين على تطبيق اللائحة التنفيذية للموارد البشرية، وما جاءت به من مستجدات لم تكن في الحسبان، حيث أحدثت تغييرات جوهرية في اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية، بذلت الوزارة جهودا كبيرة في سبيل شرحها للموظفين عموما، ولإدارات الموارد البشرية على وجه الخصوص، من خلال اللقاءات والندوات وورش العمل في جميع مناطق المملكة، فإن الكثير منها ما زال غامضا، ولم يجد تفسيرا منطقيا أو شرحا وافيا يقنع العامة والخاصة. على سبيل المثال ما ورد في المادة «54» من اللائحة بجواز ترقية الموظف ترقية استثنائية لمرتبتين بعدة شروط، كلها لا تتعلق بكفاءة الموظف أو تميزه أو ندرة العمل الذي قام به حتى يكافئ بهذه الترقية الاستثنائية، فاشتراط الحصول على تقدير «ممتاز» في تقويم الأداء اشتراط شكلي، لأن غالبية موظفي الدولة يحصلون على هذا التقويم قبل وبعد اللائحة، وهو ليس مؤشرا لكفاءة الموظف، واشتراط إكمال سنة في المرتبة لا أرى مناسبته، واشتراط مضي مدة طويلة في المرتبة، لتعويض الموظف عن تجمده الوظيفي، بديلا لإلغاء قرار معالجة مشكلة المتجمد، الذي لم يأتٍ إلا بعد دراسات مستفيضة ومتأنية، ولم يتم استمرار العمل به إلا ثماني سنوات ثم أوقف دون إيجاد البديل. أما شرط ألا يتجاوز عمر المرشح 55 سنة، فهو أمر المضحك جدا، فكأن التميز والكفاءة مقصوران على ما دون هذه السن، وهذا هضم لحقوق الموظفين كبار السن ذوي الخبرة والتجربة، ومعاصرة تجارب الحياة في الخدمة الحكومية وغيرها، وهم الأولى بالتكريم والتقدير وهم على وشك التقاعد، واشتراط ألا يزيد عدد المرقين على 1٪ من منسوبي الجهة، فإذا كان الهدف منه حث الجهة على البحث عن أفضل الكفاءات، وحصرهم في هذه النسبة، فإن الواقع لأكثر من جهة هو البحث عمن ترغب الجهة في ترقيته ترقية استثنائية لعوامل كثيرة، لا علاقة لها في التميز والكفاءة، بل دخلت فيها المحسوبية والعلاقات الشخصية وتفضيل الأقارب، حسب ما يراه الموظفون المتضررون من هذه الترقيات في وسائل التواصل الاجتماعي. أما لجان الترقيات الاستثنائية المكونة من خمسة مسؤولين، ثلاثة من الجهة الحكومية، أحدهم مدير الموارد البشرية، والآخر مدير الشؤون المالية، ومندوبان من وزارتي الموارد البشرية والمالية، ويرأسها أحد مسؤولي الجهة، فإن الواقع أن مهام هذه اللجنة يقوم بها شخص واحد، ويمرر المحضر على أعضاء اللجنة، للتوقيع فقط دون تدقيق أو تمحيص أو التأكد من استحقاق هذا أو ذاك، أو البحث في قوائم المرشحين، وإجراء المقارنة بينهم، أو المفاضلة وفق عناصر ثابتة وعادلة للجميع. لذا، فإنني أرى طرح بديلين لهذه الترقيات، التي إن استمرت فسوف تزيد الطين بلة، وسوف تزيد من تظلمات الموظفين عن أسباب الترقية، التي بلغت أكثر من 25 ألف تظلم، كما نشرت ذلك صحيفة «المدينة» في عددها رقم 21235 يوم الجمعة 15 من ذي القعدة 1442، والبديلان هما: الأول: إلغاء الترقيات الاستثنائية. الثاني: تعديل المادة «54»، بحيث تكون الترقية الاستثنائية للمرتبة التالية لمرتبة الموظف بشرط أن تمضى سنتان عليه في المرتبة، وألا يستفيد منها الموظف في حياته الوظيفية إلا مرة واحدة، مع استمرار بقية الشروط الواردة في المادة «54» باللائحة.