رغم مرور نصف قرن على ظهور مشروب السوبيا على موائد الإفطار في شهر رمضان بالمدينة غير أن الجميع من صانع ومتذوق لا يعرفون سر ولع الصائمين والانتظار لساعات أمام سوق الخشة بالمدينةالمنورة للحصول على ذلك المشروب الساحر الذي يشرب بارداً ليطفئ الظمأ . وعادة ما تجد بعض المحلات تضع لوحات تؤكد أنها تبيع سوبيا "الخشة" ورغم الصراع وتوفر بديلا غير أن سوبيا الخشة بلسان المتذوقين يرونها في القمة. وفي اليوم شديد الحرارة تجد المئات من المواطنين والمقيمين بشارع قربان ينتظرون الانتهاء من صلاة الظهر ليبدأ الزحام حول محل الخشة الذي لا يتعدى عرض واجهته المترين ويعمل به أكثر من 50 عاملا مابين بائع ومجهز. ويقول زياد الجهني والذي نال حصته من سوبيا الخشة لا أعرف سر هذا المشروب الذي ارتبط بشهر رمضان ليصبح ركناً أساسياً على مائدة الإفطار خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة . ويقول سلطان بخاري منذ كان عمري سبع سنوات واليوم تخطيت الأربعين من العمر لم تجهز زوجتي مائدة الإفطار دون سوبيا الخشة. ويضيف أنه خصص مبلغ 300 ريال فقط لشراء السوبيا خلال الشهر لأنه "مدمن سوبيا". ويقول أحمد: أشتري كميات من السوبيا وأفترش بها في شارع السيح وأحقق دخلاً جيداً خلال شهر رمضان , وقد أصبح لدي عملاء بالحي أوفر عليهم الزحام والمشوار مقابل ريال مكسب. ويقول مالك سوبيا الخشة صالح خشة نحمد الله تخطينا هذا العام نصف قرن من العمل والسبوبيا التي توارثتها الأجيال شامخة رغم قوة المنافسة بالسوق. وبين أن العبوة الواحدة من السوبيا تباع في كيس بلاستيكي سعته لتر واحد، وبسعر أربعة ريالات للعبوة، وتُباع السوبيا بلونين، الأبيض والأحمر، ويختلف الثاني عن الأول بالنكهة، واللون الأحمر المضاف إلى السوبيا البيضاء. وعن مكونات السوبيا يقول صالح "تتكون السوبيا من الشعير المديني، الذي يغربل ثم ينقّى ويطحن، ثم يعجن ويصفّى، ثم يترك للتخمير، لتضاف إليه القرفة والهيل، ولتعاد تصفيته من جديد، ثم يضاف إليه السكر بمقادير محسوبة بعناية". ولمواجهة عمليات الغش والتقليد حرص صالح على تسجيل "سوبيا الخشة" كاسم وعلامة تجارية، وحرص كذلك على اختيار وكلاء محدودين يعلن عنهم بوصفهم باعة معتمدين للسوبيا التي يطلبها الجمهور. ويبقى مشهد تلك الزاوية في أول طريق قربان بالمدينةالمنورة، من بعد صلاة الظهر وحتى قبيل الإفطار شاهداً على مشروب السوبيا الذي فرض نفسه على المائدة الرمضانية وأصبح أحد مفردات تراث أهالي المدينة النبوية.