التفاوت المعرفي، يعد أحد أسباب عدم القدرة على إيصال المعلومة بين الخبراء وغير الخبراء، وهذا الأمر يعد أحد المعوقات التعليمية، فيكون الفارق المعرفي الكبير، بين المعلم والمتعلم، هو المعيق الأساسي لعملية التعليم والتعلم، ويطلق على هذه المعضلة «لعنة المعرفة» بحسب بحث نشر في مجلة الاقتصاد السياسي في أواخر الثمانينات، والتي تعد أحد أنواع الانحياز المعرفي. اختيار الأسلوب المناسب، والمفردات المناسبة، هي الطريقة الأمثل لإيصال المعرفة، ففي المجال الطبي على سبيل المثال، من المهم أن يقوم الطبيب بإيصال المعلومة الصحية، بأسلوب يفهمه المريض، فأثناء تشخيص المريض، قد ترد مفردات طبية ليس من السهل أن تكون مفهومة لعموم المرضى، على الرغم من ذلك، فإن الطبيب ملزم بأن يذكر التشخيص الصحيح والدقيق للمريض، مما يعني أنه قد ترد مفردات ليست مألوفة، ولذا فإن عملية إيصال المعلومة الطبية يلزمها أن تكون خالية من أي غموض، قد يؤدي إلى تفاقم حالة المريض أو حتى الوفاة. وللتعامل مع هذه المعضلة، قام الدكتور ييزين كاو (Yixin Cao) مع عدد من الباحثين، من بالجامعة الوطنية بسنغافورة (National University of Singapore) وجامعة تسنقهاو الصينية (Tsinghua University) بتطوير نظام إلكتروني يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يقوم هذا النظام بمحاولة نقل المعلومة، من أسلوب الخبراء إلى أسلوب العموم، بمعنى أن النظام المطور يسعى إلى إعادة صياغة الجملة المعرفية، بأسلوب أكثر سلاسة، لتكون أيسر للفهم، من قبل غير المتخصصين. يعمد نظام الدكتور ييزين على تحديد المفردات الأكثر تعقيدا، في الجملة التي سيتم نقلها من مستوى معرفي عالٍ، إلى مستوى معتدل، ومن ثم يتم تغيير كل مفردة، بمفردة أخرى أكثر سهولة، أو إذا تطلب الأمر، فقد يتم استبدال مفردة ما بجملة كاملة، ليس ذلك فحسب، بل إن النظام يقوم على إعادة صياغة بعض الجمل، بحيث يتم نقلها من أسلوب لغوي عالي التعقيد، إلى أسلوب لغوي أيسر للمتلقي. قام الباحثون باختيار مجال واحد لتجربة فكرتهم، وهو المجال الطبي، فتم بناء قاعدة بيانات تحتوي على مئات الآلاف من المفردات والجمل الطبية، التي تساهم في الربط بين أسلوب الخبير وأسلوب العموم، ومن ثم قام الباحثون بتجربة خمس من خوارزميات الذكاء الاصطناعي، التي تم تطويرها لأغراض تبسيط النصوص. ما قام به الفريق البحثي، يعد من أول المحاولات في مجال تبسيط المعرفة، لنقلها من الخبراء إلى غير الخبراء، وبحسب ما ذكر الفريق البحثي، فإنه ما زال أمام الذكاء الاصطناعي طريق طويل، للوصول لمستوى البشر في تبسيط ونقل المعرفة.