يرتبط رمضان بالعادات القديمة المتأصلة في مختلف المجتمعات، والمتوارثة من الآباء والأجداد، ولا يكتمل الشهر المبارك إلا بها، ومن بينها «الذواقة» التي ما زالت مستمرة في مناطق المملكة، وتختلف مسمياتها لدى كل عائلة، ولكنها اشتهرت بهذا الاسم، الذي يُعنى ب«تذوق جارك ما قمت بطبخه للإفطار»، حيث تعزز لديهم رغبة المشاركة في تناول وجبة الإفطار حتى وإن لم يجتمعوا على سفرة واحدة. مسميات مختلفة نجد «الذواقة» أيضا في الدول الخليجية المجاورة والدول العربية والإسلامية، حيث تُعرف في سورية باسم «السُّكبة»، وفي الجزائر ب«الملح»، وهي عادة رمضانية من العادات القديمة والمتأصلة لدى المجتمع السعودي، وتوارثها الأبناء من الآباء والأجداد، ولا يكتمل رمضان إلا بها، لارتباطها العاطفي الوثيق بروحانية الشهر الفضيل، حيث تقتطع العائلة جزءا يسيرا من طعام الإفطار، وترسله للجيران، وعادة ما يقوم الأطفال بمهمة «المرسول» في هذه العادة قبيل آذان المغرب. يذكر أنها ظهرت قديما بسبب عدم توافر الطعام الكافي، بل أحيانا انعدام الطعام، فيشارك كل جار جاره ما لديه من طعام في الإفطار، وذلك دليل على شدة التكاتف والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع، حيث يتقاسم الجيران الأكل فيما بينهم، وبعد الطفرة استمرت كعادة رمضانية أو كنوع من الهدية. كما يتنافس الأهالي فيها، مسارعة للفضل، ونيل أجر إفطار صائم. تأثير الجائحة أدت «جائحة كورونا» لإيقاف هذه العادة العام الماضي، حيث كان من الصعب الاستمرار عليها في الوقت الذي كانت فيه المملكة تواجه ذروة الجائحة في شهر رمضان بالعام الماضي، وتملك الجميع حينها الخوف الشديد من انتقال الفيروس من خلال أطباق الإفطار المتبادلة، ولم يكن هناك ما يضمن لهم سلامتهم، مما جعلهم يفتقدون لها في كل يوم يُقضى من رمضان، ولكنها عادت مرة أخرى في هذا العام، واسترجعت مكانتها لدى المجتمع السعودي الذي كان في توق إليها، لنعود ونسمع عبارة «فطور الجيران غير»، ولكن على الرغم من ذلك، فهناك من يرى أنها لم يعد وجودها حاضرا كما في السنوات الماضية، والبعض يبرر ذلك بأن مستوى الترف والرفاهية وكثرة الطعام الذي نعيشه أفقدها أهميتها وجمالها.