«في بورما لا توافق الأرواح على تصرفات الجيش الذي استولى على السلطة في انقلاب الأول من فبراير».. هذه هي الرسالة التي يريد الوسطاء والسحرة وغيرهم من العرافين البورميين نقلها، وهؤلاء انضموا بأعداد كبيرة إلى الاحتجاجات المناهضة للمجلس العسكري في شوارع «رانجون»، وهم يضعون أقنعة تقليدية وتيجانا ذهبية. هؤلاء هم الناطقون باسم 37 «ناتس» أو آلهة مبجلة في بورما، الدولة ذات الأغلبية البوذية وتنتشر فيها الروحانية والخرافات بشكل كبير. وقالت الوسيطة الروحانية اشينتان مان غاي أو (48 عاما): «ناتس لا تريد نظاما عسكريا». وأضافت: تظهر وجوهها العابسة في الوقت الراهن عدم رضاها، كذلك تريد إطلاق سراح الأم «سو»، كما يطلق على الزعيمة البورمية أونج سان سو تشي. ينظم هؤلاء الوسطاء الروحانيين والعرافيين، الذين لديهم تأثير في البلاد، احتجاجات يومية، حاملين صورا للفائزة بجائزة نوبل للسلام، ولافتات كتب عليها «ناضلوا من أجل الديمقراطية!». قد يشكل وجود هؤلاء الوسطاء في تظاهرة مؤيدة للديمقراطية مفاجأة، لكن دورهم السياسي ليس جديدا، حيث حارب كبار الضباط البورميين في الماضي بعض الممارسات الروحية التي أزعجتهم. تغييرات كبيرة في بورما كان اللجوء إلى «ويكزا»، وهم سحرة قديسون بوذيون أنصاف آلهة، لمحاربة الاضطهاد، ممارسة شائعة لطوائف معينة من السحرة خلال الحقبة الاستعمارية البريطانية، ونصف قرن من حكم المجلس العسكري الذي تلاها. الجنرالات، الذين يؤمنون هم أيضا بقدرات «ويكزا» على نطاق واسع، اعتبروا هذه المجموعات تهديدا، وقاموا بحلها أو دفعها إلى العمل السري. ويعتقد أن الديكتاتور السابق ثان شوي نفسه كان زبونا منتظما لعراف أصم شهير، كان معطي النصائح أيضا لرئيس الوزراء التايلاندي السابق ثاكسين شيناواترا. وقد ألقت الشرطة القبض على ساحر شاب، يحظى بشعبية كبيرة على «فيسبوك»، ليلا هذا الأسبوع بعد مشاركته في احتجاجات ب«رانجون». وصلى لين نهيو تاريار من أجل سقوط المجلس العسكري الجديد، بحسب ما قال عرابه ومعلمه في السحر، تين هتوت. ويواجه الشاب عقوبة السجن سنتين بموجب قانون يعود إلى الحقبة الاستعمارية، بينما حذفت كل مقاطع الفيديو التي نشرها منذ الانقلاب على حسابه في «فيسبوك». لكن وفقا لمؤيديه، فقد رأى «نهيو» سقوط الديمقراطية قادما خلال توقعات صدرت في اليوم الأخير من 2020، حيث كتب وقتها «ستشهد أعلى المنظمات في بورما تغييرات كبيرة. أما على الصعيد الدولي، فستتصدر بورما عناوين الأخبار، لأسباب جيدة وسيئة». لا ينبغي الاستهانة بالأرواح، كما حذرت اشينتان مان غاي أو، موضحة أنها تشعر بالحماية على الرغم من التحذيرات التي أصدرها المجلس العسكري للمحتجين. وختمت: «قمعهم لا يقلقني مطلقا. إذا حدث هذا، فأنا مستعدة للتضحية بحياتي».