المرأة السعودية مع ما تنتهجه الدولة من جهود التمكين وإطلاق مكامن الإبداع والإنتاج لديها، قطعت شوطا مشرفا في خدمة الوطن والولوج إلى ميادين العمل والمشاركة في التنمية الوطنية من خلال العديد من المهام والوظائف القيادية حتى أضحت مثالا مشرفا نال كثيرا من الإعجاب والإشادة على المستوى الدولي، ولعل هذا الجهد والإنجاز الوطني من قبل أخواتنا وبناتنا السعوديات حظي بالمتابعة والاطلاع خصوصا ما تم تناوله من خلال بحثي الأكاديمي، وذلك من خلال اهتمامي بهذا الجانب عبر الدراسة العميقة التي عملت عليها، والتي تناولت من خلالها عبر أسلوب علمي شيق وحذق عمل المرأة السعودية في مجال العلاقات العامة في الجامعات السعودية في الرياض. الدراسة جاءت تحت عنوان «العوامل المؤثرة في ممارسة المرأة للعلاقات العامة بالجامعات السعودية في الرياض»، حيث يتناول البحث العوامل المؤثرة في ممارسة المرأة العلاقات العامة بالجامعات السعودية، وما هو الأثر المترتب على هذه العوامل، باختلاف المتغيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقاليد والأعراف المجتمعية السائدة، بجانب الإطار العام لمواصفات العاملات في هذا المجال في الجامعات بهدف قياس مدى الكفاءة الوظيفية والمهنية وقياس جملة من الأهداف التي يمكن تحديدها بناء على توجهات وسياسات الإدارات العليا في الجامعات السعودية ووفقا لعينة الدراسة. ومما يثلج الصدر ما توصلت إليه في الدراسة من انطلاق المرأة السعودية إلى العمل في حقل العلاقات العامة في الجامعات مع أن كثيرا منهن لسن متخصصات في هذا المجال، ومع ذلك فقد حققت أولئك النساء العديد من النتائج الإيجابية، حيث تم إجراء عدد من «المقابلات المركزة» مع موظفات أقسام وأجهزة العلاقات العامة في الجامعات السعودية كأداة مساعدة في البحث، ليصبح مجتمع الدراسة من موظفات هذا القسم في الإدارات العامة أو الإدارات الرئيسية للجامعات السعودية في مدينة الرياض، وبلغ عددهن 85 موظفة. وتبين من خلال جلسات الحوار بحسب آراء العينة أن العمل في العلاقات العامة عمل مرن يستوعب جميع التخصصات ويستفيد منها، فاتضح أن الغالبية العظمى من عينة الدراسة بنسبة 82.4% لسن متخصصات في العلاقات العامة أو الإعلام بشكل عام، كما اتضح من خلال جلسات المجموعات المركزة أن العمل في العلاقات العامة مؤثر بشكل إيجابي وفعال وبخاصة على الصعيد الشخصي. وعلى الجانب الآخر من الدراسة، تناولت ما قد يعد عقبة في عمل المرأة في هذا المجال في الجامعات السعودية، ومن ذلك قلة الصلاحيات لأجهزة العلاقات العامة النسائية مما أدى إلى صعوبة التنسيق للفعاليات والمناسبات، وقلة المتخصصات وندرة الخريجات فيه، وعدم وجود صلاحيات كبرى موكلة للمرأة العاملة في العلاقات العامة، مما يمكن وصفه ب«التمركز في القرارات»، وأن دور المرأة ما زال محدوداً في إصدار بعض القرارات الصغيرة. وفي النهاية قمت بإجراء دراسات بحثية عن الصورة الذهنية للمرأة المختصة في مجال العلاقات العامة وأساليب تحسين تلك الصورة ومنح الأقسام النسائية للعلاقات العامة والإعلام في الجامعات صلاحيات واسعة في وضع الخطط واتخاذ القرار بما يكفل تطوير الأداء، ووضع دليل إجرائي وتنفيذي من جهة متخصصة لتنظيم العمل لكافة العاملات في هذا المجال سواء كان في الجامعات أو غيرها من الجهات، ليكون مستندا لهن مع توحيد سياسات العمل في وزارة التعليم لإدارات العلاقات العامة والإعلام النسائية في الجامعات السعودية، وتبني كرسي بحثي يتناول العلاقات العامة في الجامعات ووزارة التعليم، واستحداث جمعيات خاصة تعنى بعمل المرأة في مجال العلاقات العامة والإعلام. وختاماً أستطيع القول، إن من أهم مسارات دعم المرأة السعودية وتشجيع طموحاتها في الإنتاج والعمل، هو تسليط الضوء على كافة العوامل المؤثرة على طبيعة العمل الذي تعمل به، ورصد العقبات وإيجاد الحلول الخاصة بها، مع الإشارة إلى كافة النجاحات التي حققتها، على أن يكون ذلك من خلال دراسة أكاديمية علمية صرفة تنطلق من الدراسات الميدانية والمسحية للوقوف على تلك العراقيل والعقبات لتصويب ما يحتاج لتصويب وتوجيه سهام الحلول صوب بعض الإشكاليات، وذلك بلا شك هو أكبر سبل الدعم والمؤازرة لتمكين المرأة في مجال العمل ومساندتها للانطلاق نحو الإنتاج والمساهمة في التنمية الوطنية لبلادنا التي تعتمد على مشاركة المرأة بشكل أساسي بها.