بينما كنت أقلّب وأتقلّب بين تغريدات «تويتر»، لفتتني تغريدة لأحد الأساتذة الفضلاء يقول فيها: إلى من الشكوى؟! هل يعقل امتناع شركات تأجير السيارات، تأجير سيارة لمن تجاوز سن الستين عاماً أو حتى 65 عاماً؟! هل هذا نظامي وإنساني؟! وهل هذا مطبق في الدول المتقدمة؟! فعلاً، ليس هناك أصعب على النفس حينما يتم التعامل مع رجل له احترامه وتقديره بهذا الأسلوب الذي لا يخلو من التهميش، أي انكسار يشعر به هذا الرجل الكبير الطالب للسيارة! أتفهم تماماً أن شركات تأجير السيارات ترفض تأجيرك السيارة لأنك لا تحمل هوية وطنية، أو رخصة قيادة سارية المفعول، أو لأنك لا تملك مالاً، كل هذا مشروع، لكن فقط كونك من الشريحة العمرية التي تجاوزت الستين فهذا في نظري تمييز عنصري يفضل أعماراً معينة على أخرى، ويخالف كذلك مبدأ حقوقياً هو «الحق في حرية التنقل»، وهو الحق المنصوص عليه في المواثيق الدولية كافة التي صادقت عليها المملكة، ولم تتحفظ عليه، حيث نصت المادة (36) من النظام الأساسي للحكم على: «توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام». في كل بلدان العالم، لم يكن هناك حد أقصى للعمر لاستئجار سيارة. ومع ذلك، أصبح الآن أمراً تسعى إليه وكالات تأجير السيارات فقط للحد من المخاطر المرتبطة بالسائقين الأكبر سناً في حركة المرور، وبالتالي تجنب أي حوادث مؤسفة، ولكن المتوسط في جميع أنحاء العالم هو 75 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، هي لا ترفض التأجير لكبار السن من هم في هذا العمر، ولكن قد تطلب منهم بعض وكالات التأجير دفع المزيد، إذا كانوا يرغبون في الإيجار منهم. هذا من جهة ومن جهة أخرى هذا لا يعد تمييزاً عنصرياً ضد الفئة العمرية فقط، بل وضد فئة المتقاعدين كونهم فوق الستين، لطالما سمعنا وقرأنا أن المؤسسة العامة للتقاعد نجحت في تذليل عدد من العقبات التي تواجه المتقاعدين، ومنها عدم السماح لهم بتأجير السيارات، وقد أثمرت هذه الجهود بموافقة شركات تأجير السيارات على تأجير المتقاعدين دون شروط بطاقة العمل أو الكفيل. لكن هل هذا هو الواقع؟! السؤال المطروح: أين دور الجهة المسؤولة؟ ما هو دور وزارة النقل، ووزارة التجارة، والمؤسسة العامة للتقاعد، والتأمينات الاجتماعية، في تفعيل أنظمتها وإيجاد عقوبات للمتلاعبين بالأنظمة والقوانين التي تخالف مبادئ حقوق الإنسان؟! وكان الأولى أن تحدد كل هذه المؤسسات خصومات لهذه الفئات سواء كانوا من المتقاعدين، أو لكونهم فوق الستين احتراماً وتقديراً لهم. فبعض دول العالم - النرويج مثلاً - ميزت هذه الفئات وبادرت بتأسيس مؤسسات لرعاية هذه الشريحة الاجتماعية سواء من المتقاعدين أو الأعمار الكبيرة التي قامت بدورها الوطني إبان شبابها وقوتها، وحان وقت رعايتهم من جانب مؤسسات المجتمع تقديراً لهم وعرفاناً بالجميل الأدوار التي قاموا بها في بناء المجتمع والوطن. نحن بأمس الحاجة إلى إعادة النظر في نظمنا الاجتماعية، وأعرافنا السائدة التي تتعامل مع شريحة كبار السن والمتقاعدين.