راهن الكاتب والأديب حمد القاضي على الكتاب الورقي، قائلا "أراهن على أن الكتاب الورقي سيبقى أحد أهم روافد المعرفة الموثقة". وأوضح القاضي خلال محاضرة حول الثقافة الورقية في ظل الإعلام الإلكتروني، نظمها أدبي أبها، مساء أول من أمس، ضمن النشاط الصيفي لهذا العام أنه مهما قيل وحدث فإن الكتاب الورقي يرتبط بالإنسان ارتباطا وجدانيا لا يتحقق مع الوسائط الإلكترونية الحديثة بالقدر نفسه. وقال "حب الأسلاف للكتاب يصل إلى مرحلة العشق"، مستعرضا بعض الشواهد على ذلك، ومنها أن المؤرخ ياقوت الحموي ولد في مكتبة ومات في مكتبة، وأن إسماعيل القاضي كان لا يُرى إلا ومعه كتاب. وعن واقع القراءة الآن، أشار إلى أنه مما ينبت الحسرة في النفس قلة الاهتمام بالقراءة في هذا الزمن، واصفا هذا الزمن ب"المعتل الآخر". ولفت القاضي، خلال المحاضرة التي أدارها عبدالرحمن الثوباني، إلى بعض التحولات التي شهدتها الصحافة السعودية ذاكرا أنها كانت صحافة ثقافية؛ حتى إن مجلة اليمامة كانت تبدأ بقصائد في الصفحة الأولى، كما كان الناس يتابعون الملاحق والمعارك الثقافية قبل مجيء فضاءات المعرفة الحديثة المتمثلة في الوسائط الإلكترونية الحديثة. وتساءل القاضي: هل لدينا ثقافة تستحق القراءة والتصدير؟ مجيبا بأن واقعنا الثقافي متزامن مع الواقع الثقافي العام أو مقارب له، والدليل وجود كم جيد من الكتب والأوعية الثقافية، ولكن المنجز الثقافي السعودي يحتاج إلى دعم، ونحن بحاجة إلى دار نشر كبرى تتولى توزيع الكتاب داخل المملكة وخارجها، مضيفا أن معارض الكتب التي تعقد لدينا بشكل دوري ومن أبرزها معرض الرياض الدولي للكتاب دليل أكيد على أن الكتاب الورقي باق وله عشاقه ومحبوه، ودليل على أن الوسائط الحديثة لم تأخذ كل الاهتمام بل تسير في سياق واحد مع الكتاب الورقي. واستعرض القاضي نتيجة إحدى الدراسات الحديثة التي أجريت في أمريكا حيث طبع فيها عام 2011 حوالي 14 مليون كتاب بزيادة 7% عن عام 2010 رغم وجود التقنية في أميركا بمستوى عال جدا. وأضاف: لو لم يكن هناك قراء لما طبع هذا الكم الكبير من الكتب، كما أن الكتاب سيظل مهما من الناحية التوثيقية فحين يقال: قرأت في الموقع الإلكتروني الفلاني فإن الأمر لا يأخذ من التوثيق والتأكيد ما يأخذه حين يسند الأمر إلى كتاب ورقي محدد، ومن هنا فإن الوسائط الإلكترونية الحديثة لن تقضي على الكتاب، كما أن الإذاعة بقيت حية وقادرة على العطاء بعد مجيء التلفزيون والإنترنت ولم تصادرها هذه الوسائل. واعتبر أن الوسائط الإلكترونية الحديثة في كثير من الجوانب تسهم وتساعد في نشر الكتاب وتقدمه للقراء بأشكال مختلفة، كما أن جودة مادة الكتاب في هذا الزمن هي التي تجعله كتابا مقروء، وأشار إلى ما ذكرته الكاتبة فوزية الجلاد حول توصيف الأثر الكتابي والعلاج بالقراءة حيث تدور في بعض البلدان المتقدمة عربات بالكتب بين المرضى وتجد هذه العربات إقبالا كبيرا من المرضى القراء. وأشار القاضي إلى أن جيل الشباب من المهم أن يقرؤوا، فلا نريد أن يغيب الكتاب عنهم، ومن أهم التحديات وأقواها هي "كيف نجعل الجيل الجديد يقبل على القراءة؟ وفي ختام الأمسية شكر رئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع الضيف والحضور، ثم أعلن عضو مجلس الإدارة مريع سوادي أسماء المتدربين والمتدربات في القصة القصيرة والمقالة وترجمة النصوص. ووزع القاضي ورئيس النادي الشهادات على الذين حضروا الدورات التدريبية التي نظمها النادي في الفترة الماضية، التي أشرف عليها يحيى العلكمي، ودورة ترجمة النصوص الأدبية التي قدمتها إيمان عبدالله عسيري.