من حسن الحظ أنَّ السعادة ليس لها نظرية خاصة أو اختراع نظري أو اكتشاف علمي، كما أنها ليست شيئًا يختبئ في مكان ما لنبحث عنه. السعادة إذا لم نجدها فهذا يعني أننا ننتظرها هي أن تأتي إلينا، وإذا كنا ننتظر السعادة لن تأتي وحدها، كضوء القنديل عندما يضاء فإنه لن يضاء وحده، لهذا لا تتوقع أن السعادة تأتي لوحدها أبدا. بالطبع السعادة متوفرة وموجودة حولنا، تتطاير في الهواء هنا وهناك، نستطيع أن نستنشق رحيقها، ونستطيع أن نستشعرها في وجداننا، غير أنَّ واقعنا يقول إننا منشغلين عنها، والمنشغل تكون أحاسيسه مغيبة، تدور في حلقة مفرغة، تجعجع بلا طحن. في بعض الأحيان نبحث عن السعادة بعد أن نحصل على جائزة معينة، عندئذ نكون قد قررنا أن نسعد بهذه الجائزة، فنبدأ بالبحث عن سعادة أخرى، حينئذ نصطدم بواقع مغاير، نتفاجأ بأننا لا نجدها، كيف نحصل عليها؟! يا للهول! إن مشاعرنا لا تعمل! مشاعرنا منطوية، مشاعرنا غير نشطة، تصور! تقول القصة: سافر رجل خليجي للعلاج بالخارج، أجرى عملية في مستشفى دولة متقدمة، كانت عملية استخراج حصوة من الكلية (الكلى)، وكانت العملية مصورة بكاميرا فيديو، وبعد العملية التي تكللت بالنجاح، عرضوا على الرجل مقطع الفيديو، وكان الأطباء وطاقم التمريض حوله، وعند اللقطة الحاسمة التي خرجت فيها الحصوة، صاح الجميع وصفق فرحاً، يقول الرجل: أنا شخصيّاً، انبهرت من هذا الفرح والسعادة حين شاهدتها على الوجوه. يقول: لم أفرح كما فرحوا. ويذكر أنَّ أهله عندما استقبلوه كانت فرحتهم نمطية جدّاً. أين كانت المشاعر؟! إنها منطفئة!. السعادة كانت سجية الرسول عليه الصلاة والسلام، كان الرسول بساماً، يقول ابن تيمية: في الدنيا جنة، من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة. أظن إن كنا نبحث عن السعادة يفضل أن تكون في البدء نقياً، تسير وأنت غير ملوث، لا تلوي على شيء، نظيف، منفتح، ثم تنفض مشاعرك، تجعلها نشيطة، جاهزة، عندئذ تكون حاضراً في اللحظة، عندما تكون حاضراً الآن لن تجد طريق سعادة واحداً فقط، بل مئات الطرق السعيدة. فصحيح السعادة ليست لها نظرية خاصة، غير أنها تحتاج لتنشيط المشاعر.