تسعى الصين، التي فاجأت العالم عندما انتزعت صدارة ترتيب الميداليات في أولمبياد بكين 2008، إلى تكرار ذلك مرة أخرى في أولمبياد لندن من 27 يوليو الجاري حتى 12 أغسطس المقبل. الأداء القوي للعداء ليو جيانج، الذي عادل أخيرا الرقم العالمي لسباق 110 أمتار حواجز، والسباح صن يانج يشير إلى أن الصين ستثبت أن إنجاز "بكين 2008" لم يكن لمرة واحدة فقط. فقبل أربع سنوات، حصدت الصين على أرضها وبين جمهورها 51 ميدالية ذهبية، و21 فضية و28 برونزية، منتزعة صدارة جدول الميداليات للمرة الأولى في الألعاب الأولمبية، وأزاحت بالتالي الولاياتالمتحدة عن العرش تاركة لها المركز الثاني. أثبتت الصين بشكل لا لبس فيه أنها القوة العظمى الصاعدة في الألعاب، والآن تتطلع إلى توسيع نطاق سيطرتها إلى لندن. سجل ليو جيانج توقيتا قدره 87 .12 ثانية (بمساعدة الريح) في سباق 110 أمتار حواجز في طريقه إلى لندن، معادلا أسرع زمن في التاريخ، والآن يتطلع للتعويض بعد أن اضطرته الإصابة إلى الانسحاب من أولمبياد بكين ليتبدد حلمه بالتألق في ملعب "العش الطائر" الذي شيدته الصين خصيصا للألعاب. ويقول ليو "حلمي هو فقط الانتظام في المنافسات الأولمبية وآمل أن أحافظ على مستواي الجيد وأن أواصل برنامجي التدريبي كاملا". كما يبدو أن صن يانج سيكون من أصحاب الميداليات في منافسات السباحة بعد أن طمس رقم البطل الأولمبي الأسترالي جرانت هاكيت الصامد من 10 أعوام في سباق 1500 م في بطولة العالم الأخيرة في شنغهاي الصينية العام الماضي. لكن القصة الحقيقية للنجاح الصيني في الحصاد الوفير للميداليات في أولمبياد بكين 2008 كان في بعض الرياضات التي تعتبر اختصاصا لرياضييها ككرة الطاولة والبادمنتون والغطس والرماية ورفع الأثقال وأيضا الجمباز، والتي كان نصيبها 38 من 51 ميدالية ذهبية. كانت السيطرة على منافسات كرة الطاولة في بكين مطلقة باحتكار الصينيين والصينيات جميع الألقاب، كما نالوا 7 ذهبيات من أصل 8 في الغطس، و8 من 15 في رفع الأثقال، و11 من 18 في الجمباز، ونصف ذهبيات الرماية ال10. إنها حكاية يمكن أن تتكرر في لندن، مع التفوق الصيني في البادمنتون والغطس وكرة الطاولة، والتقدم بفارق ضئيل أيضا على الولاياتالمتحدة في بطولة العالم الأخيرة للجمباز التي أقيمت العام الماضي. لين دان الفائز بخمسة ألقاب في البادمنتون، والذي يصور على أنه أعظم رياضي (في بلاده)، يبدو مرشحا للدفاع عن لقبه خصوصا بعد أن قاد الصين إلى فوز رائع في بطولة "توماس كاب" في مايو الماضي. في كرة الطاولة، فقدت الصين عددا من بطلاتها كزهانج يينينج ووانج نان بسبب الاعتزال، لكنها لا تواجه مشكلة في سد الفراغ على ما يبدو بانتقال المشعل إلى لاعبات أخريات. ومن قائمة النجوم هناك زهانج جايك ودينج نينج بطلا العالم حاليا لدى الرجال والسيدات على التوالي. ويقول مدرب منتخب الصين للرجال في كرة الطاولة ليو جيوليانج "إن الألعاب الأولمبية تحمل معان مختلفة للاعبين، وبالنسبة لنا إنها تعني فقط أن نفوز بالميداليات الذهبية". "منتخب الأحلام" في الغطس احتكر جميع الألقاب في بطولة العالم الأخيرة في شنغهاي، وأفلتت منه فقط ذهبية واحدة من 8 في أولمبياد بكين 2008، ومن المتوقع أن يكون المرشح الأبرز في لندن. وعلق مدير الفريق زهو جيونج قائلا "انتصاراتنا المتتالية تؤدي إلى الرضا عن النفس ولكن قد تجعلنا نتجاهل مشاكلنا. في الواقع إنه التحدي". ووفقا للمدربين والرياضيين الصينيين، فإن نجاح الصين في إعادة تنشيط التركيز على الألعاب الأولمبية يأتي بسبب نظام دعم الدولة للرياضة وتقديم التمويل السخي للمنشآت وتدريب جيل جديد من الرياضيين. واتبعت الصين النمط السوفيتي السابق عبر المدارس الرياضية، والذي كان يؤدي إلى اختيار الرياضيين المتوقع لهم النجاح في سن مبكرة، وفي كثير من الأحيان مع ساعات من التدريب القاسي يوميا ما أنتج أبطالا للعالم في السباحة والجودو والمصارعة والملاكمة والقوس والنشاب والتجذيف. وبرغم نجاحاتهم، فإن المسؤولين الرياضيين في الصين يقللون، أكثر من أي وقت مضى، من آمال الرياضيين ال380 المشاركين في أولمبياد لندن، ويتحدثون عن "تحديات قوية" ستواجههم لتكرار إنجاز بكين 2008. وعزا نائب وزير الرياضة كان زهينهوا ذلك "إلى اعتزال عدد من الأبطال بعد ألعاب بكين"، مضيفا "أن جيلا جديدا يشكل الجزء الأكبر من الفرقة الأولمبية الصينية"، مؤكدا أيضا أن "عددا من الرياضيين الشباب لا يزال يفتقد إلى الخبرة الدولية، ولذلك لا يمكننا أن نكون متفائلين جدا بأدائهم".