يروي الناشط المسيحي أبو جاد، أنه تعرض لشتى أنواع التعذيب خلال اعتقاله لدى جهاز أمني في سورية لمدة شهرين لمجرد أنه انضم إلى "الحراك الثوري"، ويؤكد أبو جاد كما طلب أن يعرف عنه يؤكد كغيره من الناشطين أن المشاركين في الاحتجاجات ينتمون إلى طوائف مختلفة، ويقول ناشطون ومحللون أن النظام السوري الذي طالما طرح نفسه حاميا للأقليات يصور نفسه اليوم على أنه ضحية خطر إسلامي متطرف، بهدف تحويل الانتفاضة إلى حرب طائفية بين الجماعات الدينية السورية، ويؤكدون أن النظام يعامل كل المعتقلين من السنة وغيرهم بالقمع والعنف ذاته، ويعمل على الترويج لفكرة أن انتصار المحتجين سيعني تهديد وجود الأقليات بهدف نشر الخوف في صفوفها. ويقول أبو جاد "الجميع يتعرض للضرب خلال الاعتقال، وقد عاملوني بقسوة شديدة"، ويضيف "وجهوا الشتائم لي وإلى الدين المسيحي"، موضحا أنه اعتقل مع عدد من أصدقائه المسلمين حين كانوا يعلقون ملصقا كتب عليه اقتباس من الإنجيل يقول "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بقليل من الكرامة والحرية". ومنذ بدء الاحتجاجات في منتصف مارس 2011، شارك سكان مدينة السلمية في وسط البلاد، وغالبيتهم من الإسماعيليين في العديد من التظاهرات المناهضة للنظام. ويقول الناشط إياد السلموني إن "احتجاجاتنا تدحض مزاعم النظام بأن الثورة سلفية". ويوضح بيتر هارلينج الذي يعمل على الملف السوري في مجموعة الأزمات الدولية، التي تتخذ من بروكسل مقرا، أن الدروز والمسيحيين منقسمون في الموقف إزاء الاحتجاجات المناهضة للنظام، بينما غالبية العلويين تدعم النظام، وكثيرا ما عبر رجال دين مسيحيون عن تأييدهم للنظام خلال الأشهر الأخيرة، أو على الأقل حذروا من الخطر الذي قد يواجهه المسيحيون في حال وصول إسلاميين إلى السلطة، ويرى هارلينج أن "النزاع اتخذ طابعا مذهبيا في وسط البلاد، حيث يعيش العلويون إلى جانب جماعات طائفية أخرى"، ويوضح أن أحد أسباب ذلك هو أن "هيكلية الجهاز الأمني وضعت بشكل يضمن بقاء السلطة الفعلية في أيدي العلويين".. ويلفت إلى أن "اتخاذ الاحداث منحى دينيا كان أمرا متوقعا" مع تصاعد حدة أعمال العنف، لكن على الرغم من ذلك، فإن الكثيرين داخل الأقليات في سورية لا يقفون إلى جانب النظام، لأنه فشل في تأمين الحلول للأزمة. وتصف الناشطة الدرزية، والصحافية منتهى الأطرش، المقيمة في دمشق النزعة التقسيمية التي يحاول النظام زرعها أنها "كارثية"، وتقول إن "النظام عمل جاهدا على مدى عقود من أجل القضاء على حس المواطنة في سورية، وهو يدفع الناس الآن للتفكير بطريقة مذهبية"، وتضيف أن "المشاركين في الثورة ينجحون حتى الآن في مقاومة هذا الاتجاه، لكن الله وحده يعلم ما يمكن أن تصير عليه الأمور لاحقا".