بشكل لا يُطاق تكثر اليوم المخاصمات والخلافات في المجتمعات القروية، وقد لا أبالغ إن قلت «غالبا مجتمع القرية العسيرية لم يعد سوى تجمع سكاني خالٍ من الوئام المجتمعي بفعل الجفاء، بينما القليل من القرى ظلت ملتزمة بتقاليدها التي تضمن سلمها المجتمعي، وتحافظ على وحدة كيانها، وتسعى في ذلك لتمتين حبال الوئام بين أفراد القرية وعشائرها». عندما لا يكون في القرية (مجلس مصالحة) مكون من رجال حكماء يسعون بأقصى جهد لرأب الصدع، وحل أي خصام يظهر بين الأفراد أو الأسر بصورة ودية توافقية، فعندما لا نجد مثل هذا المجلس، فنحن هنا أمام قرية ستمزق المشاكل الكثيرة نسيجها الاجتماعي. ومن جهة أخرى، يجب أن يكون في كل قرية (فريق بيئي) من الشباب يساهم في الحفاظ على بيئة القرية، عبر التشجير والمحافظة على الأشجار وتشذيبها وتكثيف الوعي في القرية من خطر الاحتطاب الجائر، وعلاوة على ذلك تنظيف الأماكن الطبيعية الخلابة في داخل ومحيط القرية. كما أن تكوين (جمعية تراثية) أمر مهم، بحيث يُنشأ صندوق تعاوني يدعمه رجال الأعمال، يتم من خلاله وضع خطة مجدولة لإعادة تأهيل وترميم التراث العمراني في القرية، وقد تذهب الجمعية إلى أبعد من هذا، وهو بناء متحف يضم جميع القطع التراثية المتواجدة في القرية. ولتصفير النزاعات الزراعية لا بد من (لجنة تحكيم زراعي) تتكون من أشخاص في القرية لهم خبرة في أعراف السقاية العثرية والمروية، ودراية في الحقول وملكياتها، ومعرفة كبيرة في جميع أنظمة الزراعة التقليدية، وبدورها تصبح اللجنة مرجعية محلية للفصل في هكذا نزاعات. وهناك مبادرات نوعية تطوعية أخرى يمكنها تعزيز الوئام والسلم المجتمعي في أوساط القرى والأرياف ذات الطابع القبلي.. وللحث على ذلك، أقترح جائزة سنوية تقدمها إمارة منطقة عسير للقرية المثالية.