بات المشهد في ليبيا شديد التعقيد خاصة مع تصاعد دخول القوى الإقليمية والدولية على خط الأزمة، ومنذ تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في قاعدة المنطقة الغربية العسكرية أن منطقة سرت الجفرة خط أحمر، وأن بلاده من حقها التدخل عسكريا في ليبيا لحماية الأمن القومي المصري والليبي من تدخلات تركيا والميليشيات الإرهابية، وصمت بشكل كبير صوت البارود فيما تصاعدت الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار والبدء في مسارات الحل السياسي، وخروج كل القوى الأجنبية من ليبيا. العواصم الكبرى دعوات وقف النار في ليبيا انطلقت من أغلب العواصم الكبرى فيما يعكس بدء رغبة دولية كبيرة في ذلك، فقد دعا بوتين وماكرون لوقف إطلاق النار في ليبيا والعودة إلى مائدة الحوار، وكانت فرنسا وألمانيا وإيطاليا قد دعت أيضا القوات الموجودة في ليبيا لوقف القتال، كما دعت الأطراف الخارجية للكف عن أي تدخل في محاولة لإعادة المحادثات السياسية إلى مسار الحوار. وفي نفس الاتجاه أكدت الخارجية الأمريكية لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، رفضها التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار فوراً، ورفضها الهجوم الذي تحضر له الوفاق والقوات التركية على قوات الأمن الليبية. تفاوض أم صراع ورغم انتظار مبادرة سياسية لإنهاء الوضع المتأزم في ليبيا بعد التغييرات الأخيرة، أعلن الجيش الليبي، الدفع بمزيد من التعزيزات باتجاه غرب سرت تحسبا لهجوم لكتائب الوفاق، مضيفا في بيان صحفي: «التعزيزات التي أرسلناها إلى سرت جاهزة لصد أي هجوم من قبل الميليشيات المدعومة من تركيا». وقال مدير إدارة التوجيه بالجيش الوطني الليبي أن الإخوان يسيطرون على الدولة وهم لا يجيدون سوى الإرهاب، وأن مرتزقة تركيا هم من يقاتلون الجيش. صدام فرنسي تركي يبدو أن المشهد الليبي بات شديد التعقيد، فبعد أن تحول الأمر من منافسة فرنسا لإيطاليا في الميدان الليبي إلى صدام مع تركيا في مياه المتوسط، تحركت فرنسا لتحييد تونس عن دعمها لتركيا في ليبيا، وهو ما تجلى في أول رد فعل إيجابي من الرئيس التونسي عندما أعلن أن بلاده ترفض وجود قواعد أجنبية في الجارة الليبية، وأن شرعية حكومة الوفاق مؤقتة، ويجب أن تحل محلها شرعية جديدة تنبع من إرادة الشعب الليبي، وهو التصريح الذي جاء كإشارة إلى تحركات مدير المخابرات التركية ووزير الدفاع التركي التي تسابق الزمن لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية وأخرى جوية في غرب ليبيا. أمريكا والسراج اجتمع وفد أمريكي بقيادة قائد الأفريكوم والسفير الأمريكي لدى ليبيا مع فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا، وكافة قادة قوات الوفاق، وجاء الاجتماع عسكريا بامتياز في مدينة زوارة وليس بقصر الضيافة بطرابلس - التي يخشى أي أمريكي التواجد بها في ظل انفلات الوضع الأمني هناك- كما هو المعتاد، بعد أن تعمد الأمريكي تغيير مكان عقد الاجتماع في الساعات الأخيرة، كي يأتي حضور السراج ومن معه لمدينة زوارة كاستدعاء أمريكي وتلك حقيقة، كما لا يفوتنا أنه أول اجتماع أمريكي مع كافة القيادات العسكرية الفعلية لحكومة الوفاق، وبحضور آمر غرفة عمليات «سرت - الجفرة» العميد إبراهيم بيت المال. موازين المواجهة المحتملة بين مصر وتركياعلى خط «سرت - الجفرة» الجيش التركي: سيستنزف بريا وبحريا وجويا خطوط الإمداد والتموين والدعم اللوجيستي بواسطة قواته البحرية والجوية وبتكلفة مالية مخيفة صعوبة المهمة على البحرية والطيران التركيين، لأنهما لن يكونا قادرين أبدا على حشد كل إمكاناتهما القتالية تأمين خطوط الإمداد والتموين الجوي والبري من تركيا إلى ليبيا لمسافة تتراوح ما بين 1500 و2000 كم المغامرة بكشف المجال الجوي والسواحل الممتدة على البحر المتوسط، إيجة، مرمرة، والبحر الأسود، أمام عدو رئيس وهو اليونان الجيش المصري: خطوط الإمداد ستكون قريبة الدعم اللوجيستي القوات المسلحة المصرية التي ستقاتل قرب سواحلها وأراضيها ومجالها الجوي لها أفضلية المواجهة ستكون في بيئة مألوفة وصديقة تمثل عمقا إستراتيجيا مباشرا لها (شرق - وسط ليبيا) إمكانية تشكيل خطوط دفاعية متشابكة ومتكاثفة تسمح لها بالتمركز والمناورة والتحرك بأفضلية هائلة لاستنزاف الجانب التركي سوف يكون للجيش المصري قدرة فائقة ومتقدمة على تعويض الخسائر