منذ أن انتشر فيروس كورونا في العالم حتى انهمرت وانتشرت بسرعة انتشاره أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات من أشخاص يدعون أن كورونا ما هو إلا مؤامرة، وأنه ليس طبيعيا، بل فيروس مصنع، وبعضها تتناول فكرة أن الفيروس صنع من قبل دول كبيرة لتقليص أعداد البشر، وآخرون يقولون إن بيل جيتس قام بذلك ليستطيع زرع رقائق إلكترونية في رؤوس الناس عن طريق اللقاح، أو أنه صناعة أمريكية لمحاربة الصين، والبعض روج للعكس أنه صناعة صينية لمحاربة أمريكا، وأنا أقول هل يعقل أن تخسر إحدى الدولتين المليارات بسبب تفشي الفيروس فقط لأنهم يتحاربون؟؟ وكثير وكثير من تلك الفيديوهات والنظريات التي لا أساس لها من الصحة، والتي قام جانب كبير من الناس بمشاركتها وتأييد محتواها وتصديقها، وتناقلها وهذه حقا كارثة كبيرة. وحرب نفسية تشترك بها الشعوب جميعها على نفسها دون أن يشعروا بخطر ذلك، حتى إن بعض تلك الفيديوهات تروج لمعلومات صحية خاطئة قد تسبب أذى جسديا كبيرا، وهنا يصبح خطر تصديق نظرية المؤامرة يوازي خطر التصدي لكورونا. فقد أظهر بعض الباحثين أن أي نظرية مؤامرة تتعلق بصحة الأفراد تزيد مستوى عدم الثقة في السلطة الطبية والنصائح التي تقدمها للناس، وهذا يؤثر على وعي الناس في رغبتهم بحماية أنفسهم، فعلى سبيل المثال إذا شاهد أحد المؤمنين بنظرية المؤامرة فيديو يقول إنه لا داعي لغسل اليدين ولا لبس الكمامة ولا أخذ أي إجراء وقائي، سيصدق ذلك، وبالتالي يكون أكثر عرضة للعدوى ونشر الفيروس، وأغلب الذين يؤمنون بتلك النظريات يتخذون مواقف سلبية ضد اللقاحات وضد أي سلوك وقائي. دائما تزيد حالات انتشار نظريات المؤامرة في ظل تفشي أي وباء أو ظهور كارثة أو أزمة في المجتمع، فيسعى أصحابها لتفسير ما يحدث من وجهة نظرهم هم ويصدقونها وينشرونها ويجدون البيئة الخصبة المناسبة لها في بعض العقول البشرية. يكفي أن نتذكر أن الجائحة أصابت أكثر من 3.7 ملايين إنسان حول العالم وقتلت نحو 258 ألفا، وهؤلاء ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح بشرية وراء كل رقم منها عائلة تحزن لفقدانه، وأن نظرياتكم ما هي إلا معلومات مضللة من شأنها أن تتسبب بخوف وقتل الناس أكثر من كورونا نفسه.