لم تعد نظريات المؤامرة تقتصر على المشككين من العرب والشرق الأوسطيين، لأن العالم أصبح مليئاً بالشكوك تجاه كل الأحداث المهمة، وباتت التفسيرات الرسمية للأحداث بلا صدقية، خصوصاً مع ازدياد رواد الانترنت التي بواسطتها تنتشر النظريات. وحسب دراسة حديثة، فإن نظرية مقتل الأميرة ديانا وعشيقها المصري عماد الفايد على يد الاستخبارات البريطانية أبرز ما حوته لائحة المؤامرات، وان مخططاً معقداً أعد للتخلص منهما هو ما يصدقه كثيرون. ويؤكد خبير علم النفس باتريك ليمان بعد دراسة مستفيضة لهذه الظاهرة، أن السبب الرئيسي لهذا التوجه هو المسافة التي تفصل الهيئات الحكومية عن شعوبها ما يزيد الشعور بعدم الثقة، كما تساهم الانترنت في طرح نظريات التآمر التي تلقى ترحيباً وقبولاً لدى كثيرين ما يزيد من انتشارها ويعزز ظاهرة التآمر. ويشير ليمان إلى أحداث 11 ايلول سبتمبر كمثال على كيفية ولادة نظريات المؤامرة وانتشارها، موضحاً ان هذه النظريات تفاعلت ونمت في العالم الاسلامي وفي بعض الدول الغربية. ففي فرنسا نشر الكاتب اليساري تييري ميسا كتابه "الخدعة المفزعة" الذي أحدث ضجة عالمية، وأنكر فيه وقوع الهجوم على مركز التجارة العالمي. ويقول ليمان انه عندما يقع حدث كبير في العالم يبدأ الناس بالبحث عن الأسباب والدوافع، ويبدو ان هناك توجهاً سيكولوجياً لدى كثيرين يحملهم على الاعتقاد بأن حدثاً كبيراً ومؤثراً لا بد ان يترافق مع تخطيط كبير يفوق الخيال. ويفضل كثيرون الاعتقاد بوجود مؤامرة وراء كل حدث ضخم حتى يسهل تصديقه. ومن ضمن دراسته هذه الظاهرة، اطلع ليمان 64 متطوعاً على أخبار مفبركة، إما عن محاولة فاشلة لاغتيال رئيس دولة خيالية او نجاح هذه المحاولة. واكتشف انه عندما كان الخبر "ضخماً" نجاح محاولة الاغتيال كان الاعتقاد بوجود مؤامرة أكبر خمس مرات من الاعتقاد بها بعد معرفة نبأ فشل المحاولة. وفي تجربة اخرى طلب ليمان من المتطوعين التفكير بست نظريات مؤامرة وتقويمها بدرجات من صفر إذا رفضوا تصديقها بتاتاً و150 إذا كانوا مقتنعين كلياً بها. وجاءت نظرية ان الحكومات تخفي معلومة وجود مادة "توكسن" في الغذاء والتي تسبب الادمان على الاكل، على رأس قائمة النظريات بتسجيلها معدل 95 درجة من 150، وحلت نظرية مقتل الرئيس الاميركي السابق جون كينيدي كجزء من مخطط في المرتبة الثانية، فيما جاءت نظرية ان الاتحاد الاوروبي هو فكرة أشخاص معينين يرغبون في التحكم في دول الاتحاد ثالثة، ونظرية تعمد الاستخبارات البريطانية قتل الأميرة ديانا وعشيقها دودي رابعة، أما النظريتان اللتان كانتا الأقل تصديقاً فهما تعمد اخفاء الحكومات دلائل على زيارة مخلوقات فضائية لكوكب الأرض، وان فيروس نقص المناعة المكتسبة ايدز هو من صنع المختبرات وشركات الادوية. وأعرب ليمان عن قلقه من التوجه المتزايد الى الاقتناع بوجود نظريات مؤامرة، لأن هؤلاء خلقوا لانفسهم مناخاً من الصعب تعديله وسيرفضون آراء من لا يوافقهم الرأي وسيتهمونهم بأنهم جزء من المؤامرات.