شجع انتشار فيروس كورونا بشكل مفاجئ على إنعاش نظريات المؤامرة التي تنشط عادة في أوقات الأزمات والأوبئة، لتنتشر في العالم 3 نظريات تتمثل في أن كورونا المستجد ليس إلا سلاحا بيولوجيا انطلق بالخطأ من داخل المختبرات الصينية أو الأمريكية، شبكات الجيل الخامس للاتصالات هي السبب الرئيسي لانتشار عدوى "كوفيد 19" بصورة كبيرة، ليتم ربط الجائحة بأزمة هواوي بين الولاياتالمتحدةوالصين، والثالث هو نظرية وجود علاجات خفية للفيروس تملكها دول بعينها مثل الصين. سر النظريات في استغلال واضح للفيروس، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا مطولا حول سر انتشار نظريات المؤامرة في أوقات الأزمات، وقالت: إن تفشي فيروس كورونا تسبب في فيض من نظريات المؤامرة، والتضليل والدعاية، مما أدى إلى تآكل ثقة الجمهور وتقويض مسؤولي الصحة بطرق يمكن أن تطيل الوباء أو تتجاوزه. تقديم مشاعر اليقين لكن الصحيفة الأمريكية أرجعت تفشي نظريات المؤامرة إلى أمور عدة، أبرزها يرجع إلى الرغبة في الاعتقاد بأن المرء مطلع على المعرفة الممنوعة ويقدم مشاعر اليقين والسيطرة وسط أزمة قلبت العالم رأساً على عقب، وتابعت "تبادل هذه المعرفة الممنوعة، قد يعطي الناس شيئًا يصعب الحصول عليه بعد أسابيع من الإغلاق والوفاة: شعور بالوكالة". تنقل نيويورك تايمز عن طبيبة نفسية اجتماعية تدعى كارين م. دوجلاس، تدرس الاعتقاد في المؤامرات في جامعة كينت في بريطانيا: "جائحة كورونا تحتوي على جميع العناصر اللازمة لقيادة الناس إلى نظريات المؤامرة"، ويقول علماء النفس: إن الشائعات والادعاءات التي لا تصدق بامتياز تنتشر من قبل الأشخاص العاديين الذين طغت كلياتهم النقدية ببساطة على مشاعر الارتباك والعجز. الادعاءات الكاذبة لكن العديد من الادعاءات الكاذبة يتم الترويج لها أيضا من قبل الحكومات، التي تتطلع إلى إخفاء إخفاقاتها، والجهات الحزبية التي تسعى للحصول على منفعة سياسية، إذ إن جميع نظريات المؤامرة تحمل رسالة مشتركة ألا وهي: "الحماية الوحيدة تأتي من امتلاك الحقائق السرية التي لا يريدون منك سماعها". أضافت دوجلاس بالقول "قد تكون مشاعر الأمن والسيطرة التي تقدمها هذه الشائعات وهمية، لكن الضرر الذي يلحق بثقة الجمهور حقيقي للغاية"، وتابعت بقولها "دفعت تلك النظريات الناس إلى تناول العلاجات المنزلية القاتلة والاستخفاف بالتوجيه بالمسافة الاجتماعية، وهو أمر يعطل الإجراءات الجماعية الشاملة، مثل البقاء في المنزل أو ارتداء الأقنعة اللازمة لاحتواء الفيروس". إشباع دوافع ترى دوجلاس أن الناس ينجذبون إلى المؤامرات لأنهم يعدون بإشباع دوافع نفسية معينة مهمة للناس، أهمها: السيطرة على الحقائق، والاستقلالية على رفاهية المرء والشعور بالسيطرة. كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص أكثر احتمالية للمشاركة في معلومات فيروس كورونا الكاذبة أكثر مما يعتقدون، مشيرة إلى أن حجم المعلومات الخاطئة المنتشرة في أعقاب جائحة Covid-19 يربك كافة الفرق العلمية، كما تنتشر منشورات إنستجرام بصورة كبيرة بشكل خطأ، مثل أن بيل جيتس هو من يتولى تطوير علاج كورونا بدلا من شركات الأدوية. زعمت منشورات فيسبوك كاذبة أن قوات سرية أمرت بنقل المرضى بطائرات هليكوبتر سرا إلى ولاية ألاباما، بينما انتشرت شائعات في أمريكا اللاتينية، لا أساس لها من الصحة بأن الفيروس تم تصميمه لنشر فيروس نقص المناعة البشرية، في حين تصور في إيران الأصوات الموالية للحكومة المرض باعتباره مؤامرة غربية. تقول الصحيفة الأمريكية: إن وسائل الإعلام الإيطالية ضجت بمقطع فيديو نشره رجل إيطالي من طوكيو ادعى فيه أن فيروس كورونا قابل للعلاج، ولكن المسؤولين الإيطاليين "يخفون الحقيقة"، وادعى المقطع أن الوباء بأكمله عبارة عن خيال للسيطرة على السكان. نظريات المؤامرة قد تجعل الناس يشعرون بالوحدة بشكل أقل، وخاصة الأجانب والأقليات، وكلاهما يشعران أنهما كبش فداء متكرر من شائعات فيروس كورونا المستجد وغيرها الكثير الآن، ولكن تقول دوجلاس: "مع مرور الوقت، وجدت الأبحاث، أن التداول في المؤامرات لا يفشل فقط في تلبية احتياجاتنا النفسية، ولكنه يميل أيضا إلى تفاقم مشاعر الخوف أو العجز". زيادة الأزمة حذرت "نيويورك تايمز" من أن بعض الحكومات قد تجد نظريات المؤامرة فرصة لكي تستغل الارتباك الناجم عنها لتحميل أطراف أخرى وخارجية مسؤولية الوباء، وتابعت: "بعض الحكومات، قد تلجأ بسرعة من أجل الترويج لإدعاءات كاذبة يمكنها أن تخلصهم من شبح الانتقاد من معارضيهم السياسيين". بالفعل ظهر ذلك في تصريحات مسؤول صيني بارز ادعى أن الفيروس قدم إلى الصين من قبل أعضاء في جيش الولاياتالمتحدة، وهو اتهام سمح له بالازدهار على وسائل التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها الصين بشدة، في حين زعم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن الفيروس عبارة عن أسلحة بيولوجية أمريكية تستهدف الصين. قال زعيم حزب الرابطة المناهضة للمهاجرين في إيطاليا ماتيو سالفيني على تويتر: إن الصين ابتكرت "فيروس رئوي" من "الخفافيش والفئران"، في حين تحدث الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو مرارا عن علاجات لفيروس كورونا غير مثبتة، ولمح إلى أن الفيروس أقل خطورة مما يقول الخبراء، تماماً مثل ما تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.