رغم تمتع الرئيس المنتخب محمد مرسي الآتي من صفوف جماعة الإخوان المسلمين بشرعية ديموقراطية غير مسبوقة في مصر تمكِّنه من فرض نفسه، لكن مهمته ستكون صعبة في مواجهة عسكريين ما زالوا يحتفظون بالكثير من مقاليد السلطة، مما ينذر باستمرار حالة الشد والجذب بين الجماعة الراغبة في التمتع بشرعيتها الانتخابية، وبين العسكر الذين لا يبدو أنهم على استعداد للتنازل بسهولة عن مقاليد الحكم الذي ظلوا مسيطرين عليه منذ 60 عاماً. فمرسي الذي وعد بأن يكون "رئيساً لكل المصريين"، هو أول رئيس مدني يصل إلى منصب الرئاسة في بلد ينتمي جميع رؤسائه السابقين إلى المؤسسة العسكرية منذ إلغاء الملكية في 1952. ويرى متابعون أنه رغم تمتع الرئيس الجديد بشرعية قوية جداً تتيح له المطالبة بالمزيد من السلطات الرئاسية، وسيكون على المجلس العسكري التعامل والتفاوض معه، إلا أن الجيش والأوساط المقرَّبة من النظام السابق ستفعل كل ما بوسعها لتعقيد مهمته. وسيكون عليه أن يكون ماهراً في طريقة التعامل مع هذا الوضع، لاسيما أن حصول منافسه الفريق أحمد شفيق على 48,2% أظهر أن رجال الجيش ما زالوا يملكون قاعدة تأييد شعبي عريضة. وكان المجلس العسكري قد استبق إعلان نتائج الانتخابات بإصدار الإعلان الدستوري المكمل الذي سحب الكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث احتفظ العسكر لأنفسهم بصلاحية إصدار التشريعات القانونية عقب حل مجلس الشعب. إضافة إلى كل المسائل التي تتعلق بالأمن الوطني. لذلك فإن المنصب الرئاسي الذي سيتولاه مرسي لن يكون ذلك المنصب القوي المطلق السلطات كما كان الأمر في عهد مبارك أو سابقيه. إلا أن مراقبين وخبراء أكدوا أن نجاح مرسي في مواجهة العسكر سيكون في جانب كبير منه رهناً بقدرته على فتح الحكومة الجديدة أمام شخصيات علمانية معتدلة وقوى مسيحية لتوسيع قاعدة تأييده في مواجهة الجنرالات.