ألقت جائحة كورونا بظلالها على الاقتصاد في كل مستوياته، وشمل ذلك كثيراً من الموارد المالية للأسر والأفراد. والمراقب للإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية يلمس بوضوح أن القيادة الرشيدة ترجمت اهتمامها بهذا الجانب إلى قرارات حازمة ساهمت في الاستقرار المالي للمواطنين. ولكنني هنا أشير إلى فئة من المواطنين المتضررين مادياً من تعليق العمل الحكومي، وهم الموظفون الحكوميون الذين تم إيقافهم عن العمل، والتصرف في رواتبهم من قِبل إداراتهم على خلفية تحقيقات إدارية. وعلى الرغم من أن كف يد الموظف عن عمله حسب المادة 43 من نظام تأديب الموظفين والتصرف في راتبه، هو إجراء يتطلب إيقاعه مبررات ودواع وجيهة جدا، حيث إنه لا يخفى على أحد مقدار الضرر الذي يلحق بالموظف جراء اتخاذ مثل هذا الإجراء بحقه، إلا أن بعض مديري الجهات الحكومية للأسف يتوسعون في استخدام هذا الإجراء، إما لدوافع شخصية، أو لضعف في مهاراتهم القيادية، أو لأسباب أخرى عديدة. ومعلوم أن هؤلاء الموظفين تُنظر قضاياهم غالبا في مؤسساتهم، أو لدى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، أو لدى المحاكم الإدارية، وقد تعطلت كل هذه الجهات إلى أجل غير مسمى، ما يجعل الضرر الواقع على هؤلاء يتضاعف يوما بعد يوم. والوقت يصبح خصمهم وخصم أسرهم. إنني أدعو الجهات المختصة للنظر في أمر هؤلاء الموظفين الذين اعترضت كورونا طريقهم للعدالة، والذين هم في غالب الأحوال لم توجه لهم تهم جنائية بل مخالفات إدارية قد يطول البت فيها. وما اقترحه هنا ليس الإعفاء من التحقيق فيما وجه لهم من مخالفات فهذا حق مكفول هدفه المصلحة العامة، ولكني أقترح التعطيل المؤقت للمادة التي تنص على أن يوقع عليهم الحسم من الرواتب إلى انتهاء التحقيقات، ذلك أن هذه المادة ربطت إجراء الحسم بانتهاء التحقيقات، وحيث إن التحقيقات متوقفة، فإن ما يحدث لهؤلاء هو ضرر يصعب معالجة نتائجه لاحقا. بل إن تعطيل هذه المادة هو إجراء متماشٍ مع روح القانون أولا، ومع توجهات القيادة الرشيدة التي جعلت الإنسان محور اهتمامها وعنايتها، بل وشملت بعفوها عددا من المحكومين والمخالفين للأنظمة، فكيف بموظفين واقعين في مأزق مُركب من البيروقراطية وكورونا.