استعرض الدكتور عمر الخولي في هذه الصحيفة في قراءة قانونية في العدد رقم الصادر في 18/12/1430ه الأمر الملكي متناولا جوانب الأنظمة السبعة التي قام عليها، ومنها نظام تأديب الموظفين، ونظام المنافسات والمشتريات، ونظام حماية المرافق العامة، وهي الأنظمة التي سأتناولها من زوايا أخرى ذات صلة قانونية بالأمر الملكي. فالأنظمة عموماً قد تسن في زمن معين ومستوى معين من العلاقات ما يلبثا أن يتطورا، مما يستلزم تحديث تلك الأنظمة لمواجهة تلك المتغيرات، إما بالإضافة أو التعديل أو الإلغاء والاستبدال بأنظمة أخرى حديثة. وفي مقابل ذلك لا بد من زيادة مستوى التثقيف القانوني. إن انعدام أو هشاشة مشاريع البنية التحتية في جدة وأهمها مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول على امتداد سنوات طويلة رغم السيل الكبير من الاعتمادات المالية، كانت سبباً بعد الله في حدوث تلك الوفيات والتلفيات. وإذا كانت الجريمة في القانون تقوم على ثلاثة أركان، هي الخطأ، الضرر، علاقة السببية بينهما، فلا شك أنها توافرت لما حدث في جدة. بل قامت جريمة جنائية ومخالفة تأديبية في آنٍ واحد، فالوفيات والإصابات هي نتاج جريمة جنائية، أما المخالفة التأديبية فقامت جراء المسؤولية عن تلك التصرفات الوظيفية التي أدت إلى عدم قيام أو ضعف تلك المشاريع. سأبدأ بنظام تأديب الموظفين، الصادر عام 1391ه. والذي أقر بأن انتهاء خدمة الموظف لا تمنع من البدء في اتخاذ الإجراءات التأديبية أو الاستمرار فيها. لكن نفس المادة أوضحت أن الموظف الذي انتهت خدمته قبل توقيع العقوبة عليه، يعاقب بغرامة لا تزيد على ما يعادل ثلاثة أمثال صافي آخر راتب كان يتقاضاه، أو بالحرمان من العودة للخدمة مدة لا تزيد على خمس سنوات، أو بالعقوبتين معاً. وهي جميعها عقوبات لا تتجانس مع مستوى المخالفة المالية أو الإدارية، كما هو الحال فيما نحن بصدده. كما أن هذا النظام قضى بسقوط الدعوى التأديبية بمضي عشر سنوات من تاريخ وقوعها. وما نحن بصدده هنا هي مخالفات مالية وإدارية قد يكون مضى على بعضها عشر سنوات أو أكثر. وحتماً ستأخذ اللجنة بهذين الجانبين. كما آمل من الجهات المختصة معالجة هاتين المادتين وفق الآلية المناسبة مع اعتبار مثل هذه الحالات، وذلك في مشروع نظام تأديب الموظفين الجديد الذي أقره مجلس الشورى في 3/2/1426ه، ولا نعلم ماذا تم بشأنه حتى الآن. أما النظام الثاني هنا، فهو ما يتعلق ببعض إجراءات المنافسات العامة التي تخضع لها المشاريع وفق نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الصادر في 4/9/1427ه. فالمقاولون لا يستطيع أكثرهم الوفاء بالتزاماته العقدية تجاه الجهات الحكومية، نظراً لكثرة المشاريع التي يتولاها المقاول الواحد، بعدما أطبق الجشع على كثير منهم فيتم اللجوء إلى سحب المشاريع بإجراءات طويلة وقد يتكرر نفس السيناريو. كل هذه الإجراءات تحتاج إلى وقت وقد ترحل المشاريع لميزانية قادمة ويحدث التعطيل. لذا أتمنى أن تعمل الجهات المعنية على مراعاة ذلك وتكييف النظام بما يتلاءم مع هذه المتغيرات وفق الآلية المحددة نظاماً. أما آخر هذه الأنظمة فهو نظام حماية المرافق العامة، وباختصار شديد أتمنى من جهات الاختصاص أن يتم تفعيل مبدأ العقاب والثواب لمعاقبة المسيئين لاستخدام تلك المرافق، ومهدري المال العام. تلكم هي دعوة لتطوير بعض أنظمتنا بما يلاءم المتغيرات الحتمية حتى لا تكون ذريعة ومدخلا للبعض للعبور من خلالها نحو دروب الفساد. عبدالله محمد هبيلي ماجستير قانون